عماد الدين أديب
بينما كنت أحاول ارتشاف آخر رشفة من قهوة الصباح على مقهى في ميدان عرابي، بادرني رجل تبدو عليه علامات الهم الشخصي والقلق العام قائلا: صباح الفل يا أستاذ ممكن أسألك سؤالا مهما؟
العبد لله: تحت أمرك اتفضل يا باشا.
الرجل: السنة اللي فاتت دي كانت كويسة ولا وحشة على العالم العربي؟
العبد لله: (فكرت مليا في الإجابة حتى لا أتورط) يا سيدي كانت سنة مهمة وصعبة!
الرجل: يعني كويسة ولا وحشة؟
العبد لله: يعني ما تقدرش تقول كويسة وما تقدرش تقول عنها سنة وحشة!
الرجل: يا باشا بلاش كلام المثقفين بتاعكم ده، أرجوك قولي أبيض ولا أسود!
العبد لله: بصراحة هي كان لونها «رمادي» يعني شوية أبيض وشوية أسود!
الرجل متعجبا: إزاي يا أستاذ؟
العبد لله: يعني مثلا في سوريا بدأ انكشاف واضح لنظام الأسد، وفي إيران أدركوا أن التصعيد المستمر لن يؤدي إلى شيء، وبالنسبة للأميركان اختاروا أوباما بدلا من رومني وفي فرنسا فاز هولاند وخسر ساركوزي وفي لبنان أصبح واضحا أنه لا مستقبل للنفوذ السوري الأمني!
الرجل: وما هي السلبيات التي تراها في العام الماضي؟
العبد لله: الشعور بخيبة الأمل في نتائج ثورات الربيع العربي بالذات في مصر وتونس وليبيا وشعور رجل الشارع بالقلق والخوف من المستقبل.
الرجل: ماذا تعني؟
العبد لله: أصعب شيء في الدنيا أن يشعر رجل الشارع بأن النظام السابق الذي كان يتوق للخلاص منه كان أفضل من الثورة التي عاش حياته يحلم بأن تتحقق!
الرجل: ولقمة العيش يا أستاذ؟
العبد لله: لقمة العيش تتأثر بالسياسة، والاقتصاد العربي يتأرجح ما بين فوائض في ميزانيات دول النفط العربي وما بين عجز شديد في اقتصادات الأردن ومصر وتونس وسوريا إلى الحد الذي يهدد بارتفاع مخيف في نسب البطالة وعدم القدرة على السيطرة الفعلية على أسعار السلع الأساسية.
الرجل: يعني مش حنلاقي ناكل يا أستاذ!
العبد لله: مفيش حد بيموت من الجوع!
الرجل: لا فيه يا أستاذ ناس بتموت من اليأس وقلة الأمل ونقص الموارد وسوء الخدمات وفشل النظام الصحي!
العبد لله: إن شاء الله كل الأمور تتصلح؟
الرجل: امتى يا أستاذ؟
العبد لله: حينما تفهم قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم. (انتهى الحوار).
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"