عماد الدين أديب
طلبت من الجرسون فنجانا إضافيا من القهوة التركية السادة وجلست أتأمل في شرود وجوه المارة في الشارع. واكتشفت أن الجميع متجهم، لم أجد أحدا يبتسم، بل إنني اكتشفت أن الناس عادت تكلم نفسها بصوت عال وكأنهم في حالة هذيان!
فجأة قطع صوت خشن جهوري حالة «السرحان» التي كنت أعيشها ودار بيني وبين رفيقي في المقهى الحوار التالي:
الرجل: يا أستاذ هوه احنا رايحين فين؟
العبد لله: إحنا مين؟
الرجل: إحنا المصريين والعرب والمسلمين؟
العبد لله: كل خير إن شاء الله.
الرجل في غضب: خير إيه يا أستاذ؟ كل شيء في هذا العالم ينذر بشرور كبيرة ودماء كثيرة!
العبد لله: ربنا إن شاء الله سيولي من يصلح!
الرجل: إيه الكلام ده يا أستاذ «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»!
العبد لله: أصل الحكاية معقدة للغاية ومسألة الإصلاح صعبة وعملية التغيير معقدة للغاية والأمور دي بتاخذ وقت طويل جدا!
الرجل: يا أستاذ ده كلام إعلام وجرايد وفض مجالس!
العبد لله: أصل أنا زهقت جدا من محاولة فهم الإجابة على سؤال صعب جدا.
الرجل: إيه هو ده السؤال الصعب؟
العبد لله: لماذا ننجح في الفشل ونفشل في النجاح؟
الرجل: إيه اللغز ده يا أستاذ؟
العبد لله: فشلنا في الثورة وفي الانقلاب وفي الاستبداد وفي مشروع الدولة المدنية العصرية!
الرجل: ونجحنا في إيه؟
العبد الله: نجحنا في الفشل في الإنجاز والإصلاح والتغيير!
الرجل: يعني مافيش فايدة؟
العبد لله: أنا لم أقل ذلك!
الرجل: ولكن ماذا تقصد بالضبط؟
العبد لله: أقصد أنني - فقط - أريد أن أشرب قهوتي بهدوء!
انتهى الحوار.
. . .
نقلا عن جريدة الشرق الاوسط