عماد الدين أديب
لا بد من التأمل العميق في علاقة الحكم في العراق بنظام الدكتور بشار الأسد. هذه المسألة أصبحت جوهرية في ملف «بقاء أو زوال النظام السوري المستبد»!
لقد أصبحت الممرات الجوية العراقية والطرق الحدودية الملاصقة ما بين العراق وسوريا منفذين أساسيين لنقل شحنات السلاح والذخيرة التي يستخدمها النظام السوري لترويع معارضيه وقتلهم.
هذه الممرات وهذه الطرق أصبحت جوهرية وذات قيمة متعاظمة بعدما قامت تركيا بمجموعة إجراءات للتعرض والتفتيش لأي طائرات مدنية تأتي عبر الأجواء التركية لسوريا، كما أن أنقرة أحكمت الإغلاق على الحدود البرية المشتركة بين البلدين.
إذن ما هو المتبقي لنقل شحنات السلاح إلى سوريا؟
بالنسبة للسلاح الروسي فإن الطريق الوحيد هو البحر عبر طرطوس وبانياس قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط، أما بالنسبة للسلاح الإيراني فإنه يواجه عمليات تعرض وتفتيش في البحار.
إذن يبقى العراق جوا وأرضا هو المنفذ الأساسي لشحنات السلاح الإيراني للنظام السوري. ويأتي نظام نوري المالكي رئيس وزراء العراق ليلعب لعبة مفضوحة في التصريح بأنه لا يملك من الوسائل ولا الإمكانات لمنع نقل وتسرب شحنات الأسلحة الإيرانية إلى سوريا. وكأن العراق - الآن - ليس محمية إيرانية، وكأن نوري المالكي ليس حليفا لطهران، وكأن الحرس الثوري الإيراني بكافة مؤسساته الأمنية والاستخباراتية لا يعمل منذ سنوات على قدم وساق للسيطرة على أحوال العراق الداخلية.
إن نظام المالكي الذي يدعي أنه على علاقة طيبة مع واشنطن يعطي علاقاته الإيرانية الأولوية القصوى وهو غير قادر - حتى إن أراد - أن يخالف الإرادة الإيرانية في دعم «الحليف السوري».
ليس من مصلحة نظام المالكي (الطائفي مذهبيا) الموالي سياسيا لإيران، قيام نظام حكم إسلامي سني إصلاحي أو ثوري. هذا هو مربط الفرس، وتلك هي معركة الحياة أو الموت التي يشارك فيها نظام أقلوي نظاما أقلويا طائفيا في الرهان على الحاضر والمستقبل.
لا يمكن لنظام المالكي أن يقبل بانتصار الثورة في سوريا؛ لأنه يدرك أن الربيع السوري سوف ينتقل بعدها تدريجيا إلى العراق الذي لم يعرف الإصلاح أو التغيير الطبيعي ولكن عرف احتلالا أميركيا أزاح استبداد صدام باستبداد طائفة.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"