عماد الدين أديب
الاختبار الأميركي القاسي جدا هو لقدرات حركة حماس في الالتزام الصارم ببنود اتفاق القاهرة الذي تم برعاية الرئيس محمد مرسي وبواسطة رجال المخابرات العامة المصرية.
أخطر ما في هذا الاتفاق هو تفاصيله الأمنية الدقيقة التي تلزم حماس بالحفاظ على وقف إطلاق النار برا وبحرا وجوا، 24 ساعة يوميا منذ الساعة التاسعة من مساء الأربعاء الموافق 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
بلغة السينما هذا الاتفاق هو «بروفة» للدور التالي الذي يمكن أن تلعبه حماس في شكل الصراع العربي الإسرائيلي. وهذه «البروفة» هي تجربة واختبار لحركة حماس وقدرتها على الانتقال من حالة «المقاوم» إلى حالة «المفاوض». كل حالة مختلفة تماما عن الأخرى، لها قواعدها، وشروطها، وأيضا رجالها. من يقاوم ليس بالضرورة هو أفضل من يفاوض والعكس صحيح أيضا.
ونجاح اتفاق القاهرة قد يعني خروج مفاوض قديم هو «أبو مازن» أو بالأصح إخراج مفاوض قديم لصالح دخول مفاوض جديد هو حماس. نتنياهو يرفض أبو زمان لأنه يريد تسوية ودولة كاملة السيادة ذات حدود ثابتة وأبدية.
أما الاتفاق مع حماس فإنه في حالة نجاحه قد يكون مقدمة لهدنة قد تصل إلى 15 عاما ليست فيها خارطة ولا حدود ولا دولة، مما يعفي نتنياهو من حصار السلام والدولة، ويعفي حماس من «عورة» التفاوض و«جريمة» التنازل عن فلسطين التاريخية، و«خطيئة» المقايضة على الأرض المقدسة.
«الهدنة» في مفهوم الأميركيين والإسرائيليين وحماس ومصر أفضل من التسوية لأسباب مختلفة ومتناقضة، إلا أنها في النهاية تخدم خطط وطموحات الجميع.
يحدث ذات الدور النشط من الدوحة وأنقرة بهدف سحب البساط من تحت أقدام «اللاعب الإيراني» الذي انفرد ولفترة طويلة بالتأثير القوي في صناعة قرار تيارات الإسلام السياسي الفلسطينية.
هدنة أفضل من تسوية، وإيقاف إطلاق نار أفضل من معاهدة سلام، ولكن يبقى السؤال: كم ساعة أو يوم أو شهر يمكن أن تصمد وعود نتنياهو الكاذبة وقوى المقاومة غير المسيطر عليها؟؟
نقلاً عن جريدة "الشرق الاوسط"