عماد الدين أديب
أنا مع موقف أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد من اعتماد سياسة حازمة وجادة إزاء ما تتعرض له البلاد من مخاطر داخلية شديدة.
في يقيني أن هذه المخاطر لا تقل خطورة عن الاجتياح الذي قام به جيش صدام للكويت، ففي الحالتين كان مبعث الخطر من قريب وليس من عدو؛ في حالة الغزو كانت المخاطر من الجار الشقيق، وحالة التهديد بالفوضى كانت من «الابن المتمرد» على الشيوخ.
إن حق التظاهر مكفول عالميا، شريطة أن يكون سلميا لا يتعدى على ممتلكات أو أفراد أو حتى على قوات الشرطة الموكل لها حماية التظاهر. لكن ما حدث منذ أسبوعين، أثناء مظاهرة للمعارضة الكويتية، كان غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية في تلك البلاد المستقرة التي عرفت اختلافات سياسية لكنها لم تعرف مصادمات دموية، وأدى إلى إصابة 150 متظاهرا و24 شرطيا.
وسواء كانت المسألة المتنازع عليها هي قانون الانتخاب أو رفض الحكومة الحالية، أو إجراءات محاربة الفساد، فإن الحالة الكويتية ليست بالحدة التي يتظاهر فيها مواطن من أجل رغيف خبز أو فرصة عمل أو انقطاع مياه أو تشرد أسرته في الشارع.
نحن لا نتحدث عن مريض بلا رعاية طبية، ولا طفل بلا مقعد في مدرسة، ولا مواطن بلا فرصة قرض عقاري ولا صاحب شكوى أو طلب بلا حل أو رد مقنع.
نحن بالفعل أمام قضايا جادة يحق للمعارضة أن تطالب بها، لكن أزمة هذه المطالب أنها دخلت في دوامة 4 أخطار:
1 ـ خطر القبلية المخيفة.
2 ـ خطر المذهبية القاتلة.
3 ـ خطر العناد الشخصي بين أصحاب سلطة ومال.
4 ـ خطر الثأر التاريخي بين المعارضة والحكومة.
هذه الرواسب تجعل أي محاولة «لتطبيع» الحياة السياسية والعلاقة الديناميكية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية شبه مستحيلة.
وعلينا دائما أن ننبه إلى أن الاصطدام مع الحكومة، سواء رضينا أم لم نرض، يجب أن يدار بحنكة وذكاء بحيث يكون الخلاف على أسس موضوعية وليست شخصية.
الشخصنة في الحالة الكويتية تعني الاصطدام بآل الصباح أي العائلة المؤسسة والداعمة تاريخيا لدولة الكويت.
من هنا نتوقف طويلا أمام ما جاء أول من أمس في كلمة أمير الكويت لقيادات الجيش والشرطة والحرس الوطني: «إننا اليوم مطالبون أن نختار بين دولة القانون والدستور أو انتهاج طريق الفوضى والتعدي على صلاحيات السلطات الدستورية».
معادلة أمير الكويت واضحة لا لبس فيها: التمسك بالدستور أو التعدي عليه. وهذا يعني: إما دولة القانون أو دولة الفوضى.
الكويت يا أصدقائي في خطر عظيم.
نقلاً عن جريدة " الشرق الأوسط " .