عماد الدين أديب
أسهل شيء في لعبة السياسة هي أن تغسل يديك من المسؤولية وتلقي بها على كاهل غيرك.
وعقب أي عمليات تغيير للنظام ووصول نظام جديد إلى سدة الحكم، فإن أسهل الحلول هو أن تحمل النظام السابق كل خطايا الماضي، وتضخم من حجمها وآثارها حتى تفسر صعوبة وبطء إمكانيات الإصلاح الملقاة على كاهلك.
ودائما هناك بعض العبارات الإنقاذية التي يمكن أن تساعدك في بداية الحكم:
1 - لم أكن طامعا في السلطة ولكن القدر هو الذي وضع المسؤولية على كاهلي.
2 - لم أكن أتصور ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي.
3 - كنت أدرك أن هناك فسادا في البلاد ولكن حينما توليت السلطة «هالني حجم الفساد السابق في البلاد» الذي يعطل أي جهود حالية للإصلاح الحقيقي.
أي حاكم جديد، في ظل نظام جديد، يأتي بعد عهد استمر يحكم لفترة طويلة أمامه عائق مخيف اسمه «الجنرال وقت».
«الجنرال وقت» هو ذلك السيف المسلط على رقبة أي حاكم جديد يواجه مظالم قديمة، وشكاوى متراكمة، وسقف أحلام هائلا، في ظل ظروف صعبة ودقيقة مطلوب حلها، والاستجابة لها، في ظل وقت محدود للغاية.
يبقى السؤال: كيف تشتري لنفسك بعضا من الوقت الذي يتيح لك إمكانية الإنجاز؟
مرة أخرى الق باللوم على الصعوبات العظيمة والضخمة التي تسبب فيها النظام السابق والتي تحتاج إلى وقت طويل للغاية للتعامل معها.
وهناك عبارة عظيمة تساعدك في هذا المجال: «ما تم إفساده في عقود طوال لا يمكن إصلاحه في أيام وشهور محدودة».
وهناك عبارة أخرى بليغة تقول: «من الأفضل أن نتأخر قليلا من أجل البحث والدراسة للأوضاع من أجل الوصول إلى حلول ناجحة ونهائية بدلا من التسرع في إصدار قرارات خاطئة تؤدي إلى تفاقم المشاكل القديمة».
هذه الأزمة التي أكتب عنها اليوم تواجهها العديد من أنظمة جديدة تسلمت مسؤوليات السلطة عقب ثورات الربيع العربي.
الأزمة الكبرى هي محاولة التملص من المسؤولية وعدم وجود «المنهج» و«الاستراتيجية» والأدوات «التنفيذية» لإنقاذ البلاد والعباد من آثار أخطاء وخطايا العهود السابقة.
إذا كانت الأنظمة أخطأت في أسلوب إدارتها للبلاد، فإن الخطيئة الكبرى للنظام الجديد هي عدم وجود «خطة إنقاذ وإصلاح» لآثار العهود السابقة.
أما التحجج بأن التحديات عظيمة، والموارد محدودة، والوقت لا يسعف، والجماهير غير قادرة على الصبر، فإن هذه مقدمات منطقية للفشل الكامل.
إذا كنت لا تقدر، اعتذر عن الحكم.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"