عماد الدين أديب
خرج الرئيس الأميركي باراك أوباما - بصعوبة - من المناظرة الثالثة والأخيرة التي دار معظمها حول السياسة الخارجية، بنتائج أفضل من منافسه الجمهوري ميت رومني.
استطاع أوباما في المناظرة الثالثة أن يتوصل إلى تلك «الخلطة السحرية» التي تجمع بين «الاتزان والقوة»، بينما فقد رومني أي اتزان واستمر في سياسة الهجوم الغاضب على خصمه من دون أن يقدم أي منطق عملي يؤهله كي يكون رئيسا للبلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة لأكبر دولة بأقوى جيش في العالم.
والسياسة الخارجية هي ملف بالغ الأهمية لدى الناخب الأميركي، رغم أن الثقافة الأميركية للمواطن قائمة بالدرجة الأولى على منطق «الانكفاء المحلي» داخل الملفات الداخلية.
أهمية السياسة الخارجية للأميركيين، هي مدى تأثيرها على قرارات الحرب والسلام التي قد تكلف دافع الضرائب البسيط فاتورة أي قرار خاطئ في هذا المجال.
دفع الأميركان الثمن عن اقتناع في الحرب العالمية الثانية حينما وقفوا ضد هتلر.
ودفعوا الثمن باهظا في حرب فيتنام التي شهدت أكبر حركة احتجاجات مجتمعية في التاريخ الأميركي المعاصر.
ودفعوا الثمن وشعروا بفداحته مؤخرا حينما أرسل جورج دبليو بوش مئات الآلاف من الجنود والضباط الأميركيين إلى أفغانستان والعراق عقب أحداث سبتمبر (أيلول) 2001 وتكلفت الخزانة الأميركية خسائر بلغت تريليوني دولار.
من هنا يأتي تدقيق الناخب الأميركي، سواء كان ينتمي للحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي، لمدى خبرة وقدرة الرئيس المقبل للبلاد.
رئيس الولايات المتحدة هو الرجل الذي له الحق، وحده من دون سواه، في الضغط على الزر الأحمر الخاص بإعلان التأهب، ثم قيام الحرب النووية المدمرة للعالم.
هذا الرجل القابع في البيت الأبيض، القادر على إعلان حرب تقليدية أو نووية، لا بد أن يكون موضع ثقة من الشعب، ولا بد أن تتوفر لديه المقدرة والحكمة على زنة الأمور بمقياس من الذهب.
آخر ما يحتاج إليه المواطن الأميركي اليوم، مغامرة عسكرية أخرى تكلف دافع الضرائب فاتورة جديدة يتحملها وتتحملها الأجيال المقبلة التي يتعين عليها أن تدفع متأخرات 18 تريليونا من الدولارات التي تراكمت نتيجة أخطاء رؤساء سابقين.
نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"