عماد الدين أديب
تابعت بالأمس جنازة اللواء الشهيد وسام الحسن وشعرت بحزن شديد على الرجل والضحايا الذين قضوا نحبهم إثر التفجير الإجرامي، وشعرت بخوف عظيم على واقع الوضع السياسي في لبنان.
وتوقفت طويلا أمام كلمة الرئيس اللبناني ميشال سليمان وهو يعزي في الشهيد في جنازته العسكرية ويقول: «لا تعطوا أي غطاء سياسي لمرتكبي هذا الحادث الإجرامي».
وختم الرجل كلمته وهو بادي التأثر: «أنا معكم، أنا مع السيادة، أنا مع الاستقلال، أنا مع الكرامة». إذن لقد حدد العماد ميشال سليمان بما لا يدع مجالا للشك موقعه على الخريطة السياسية واختار - برجولة وشجاعة - أن يصف مع معارضي سوريا ويتخندق في خندق خصوم الدولة الأمنية الإجرامية في دمشق.
إنني أشفق على لبنان الشعب، والأرض، والوطن، والنخبة السياسية من جنون النظام الأسدي الذي قرر أن يسقط طائرة تركية، ويطلق النار على أراض أردنية وتركية ولبنانية، ويهجر شعبه إلى الأردن والعراق ولبنان وتركيا. إنني أشفق على نظام قرر أن يعيش حتى آخر جندي سوري، وآخر سياسي لبناني، وآخر حدود آمنة مع جيرانه.
هذا نظام قرر أن يوسع مسرح عملياته الإجرامية فيصل حدوده مع تركيا ببيروت، وحدوده مع الأردن إلى حدوده مع العراق.
هذا نظام فقد عقله، وقرر أن يأتي بأكبر عود ثقاب في العالم ويشعل النيران في كل المنطقة.
السؤال الذي لا أجد له إجابة: لماذا؟ ومن أجل من؟ هل يتعين أن يدفع رفيق الحريري ثمن أحقاد طائفية، وهل يتعين أن «يستشهد» 35 ألفا من الضحايا من أجل آل الأسد وآل مخلوف، وهل يجب أن يعيش الشعب اللبناني يوميا سائرا خلف أكفان جثث ضحاياه من خصوم سوريا؟
رأيت دموع الابن الأكبر للشهيد اللواء وسام الحسن وانفطر قلبي، وأنا أرى صبيا في عمر الورد المتفتح، ماذا سنقول لهذا الصبي؟ كيف سنفسر له تفجير والده وحرمانه من حضور فرحته بنجاح وتفوق وزواج أولاده؟
إنه نظام بلا قلب، وبلا عقل، وبلا روح!
إنه من المؤلم أن يكون بين أمة العرب وأمة الإسلام من يحكم بلا أي مخافة لله. لست أعرف كيف ينام اليوم من خطط ودبر ومول وسهل وساند ونفذ كل عملية اغتيال إجرامية للنخبة السياسية في لبنان.
أكاد أجزم بأن الفاعل مريض نفسي من العيار الثقيل الذي يستحيل معه أي نوع من العقاقير أو العلاج النفسي. إنه نوع من أولئك الذين يتلذذون بتمزيق الجثث ومشاهدة أشلاء الضحايا، وكسر قلوب الأطفال والأرامل والأمهات الثكالى.
لك الله يا شعب لبنان. وليرحم الله كل الضحايا، وصبرا أهل لبنان، وصبرا جميلا آل وسام الحسن، إن الله يسمع ويرى.
نقلاً عن جريدة " الشرق الأوسط"