بعد صلاة التراويح جلس الصحافى على قهوة شعبية فى ميدان الحسين يدخن الشيشة ويحتسى قدحاً من الشاى الممزوج بالنعناع الأخضر، وبينما هو فى حالة تأمل وتفكير اقتحم خلوته شاب ثورى متحمس واستأذن للجلوس معه ودار بينهما الحوار التالى:
الشاب: يا أستاذ، الحياة أصبحت صعبة جداً هذه الأيام.
الصحافى: كيف؟ أرجوك اشرح لى.
الشاب: ظروف المعيشة، الخدمات، الأسعار.
الصحافى: انت بتشتغل فين؟ وبتاخد كام؟
الشاب «ساخراً»: أنا خريج منذ 4 سنوات وحتى الآن لم أجد وظيفة.
الصحافى: من أى كلية تخرجت؟
الشاب: كلية التجارة قسم محاسبة.
الصحافى: هناك الكثير من الشركات الخاصة التى تبحث عن محاسبين.
الشاب: لكنهم يريدون خبرة لا تقل عن خمس سنوات.
الصحافى: وماذا تفعل الآن؟
الشاب: أنا أعيش عبئاً على والدى الذى يعمل محاسباً فى وزارة التموين، وأنت تعرف أجور الحكومة.
الصحافى: كيف تقضى يومك؟
الشاب: أجلس على مواقع الإنترنت ساهراً حتى مطلع الفجر، ثم أنام حتى الخامسة مساء، ثم أفطر وأذهب للجلوس على مقهى الحى ألعب طاولة.
الصحافى: ولماذا لم تفكر أن تعمل فى أى وظيفة مؤقتة؟
الشاب: مثل ماذا؟
الصحافى: سائق، جرسون، أى وظيفة إدارية بسيطة.
الشاب: القيادة تحتاج لرخصة، وأنا أخجل أن أعمل فى وظيفة فيها خدمة للزبائن، وبقية الوظائف تحتاج لواسطة.
الصحافى: بصراحة أنت مدلل، الشباب فى الغرب يعملون وهم فى الجامعة كى ينفقوا على مصاريف الدراسة.
الشاب: هذا صحيح لأن الغرب فيه فرص عمل، أما نحن فلا توجد لدينا فرص عمل.
الصحافى: هذا غير صحيح، هناك ندرة فى المهن الحرفية مثل السباكين والنقاشين والنجارين وموظفى السياحة والعمال الفنيين فى المصانع.
الشاب: لا توجد وظائف فى المصانع.
الصحافى: هذا غير صحيح، اتحاد الصناعات أعلن عن حاجته لعشرات الآلاف من العمال ومنحهم فرصة تدريب بمكافأة ووعدهم بالتعيين فور إنهاء التدريب، وكان الإقبال ضعيفاً.
الشاب: هل تتهمنا بأننا نشكو بلا سبب؟
الصحافى: نعم، حلم الشاب هو الجلوس على مكتب بصرف النظر عن الدخل.
الشاب: إننا نعيش فى مجتمع متناقض تماماً.
الصحافى: كيف؟
الشاب: إنه مجتمع الناس المرتاحة جداً، وهم أقلية، فى مقابل مجتمع الناس التعبانة جداً، وهؤلاء هم الأغلبية.
الصحافى: نعم، هناك تفاوت كبير فى الدخول، ولكن الفوارق لن تذوب بالشكوى وحدها، ولكن بالعمل الجاد.
الشاب: أعطنى فرصة عمل وأنا سوف أعمل.
الصحافى: لا يمكن أن تجلس على المقهى كل يوم وتلعب طاولة والوظيفة سوف تأتيك على طبق من فضة.
الشاب: أنت ظالم. أنت لا تفهم الشباب.
الصحافى: وأنت كسول ولا تفهم معنى العمل.
وافترقا وكل منهما متمسك برأيه.
أخيراً.. أستأذنكم أعزائى القراء فى راحة مؤقتة من الكتابة حتى نهاية شهر رمضان الكريم.. إلى أن أعود.. دمتم فى خير..