أكثر الأسئلة دلالة على نقص وتدنى الوعى السياسى عندنا هو: «انت مع فلان ولا فلان؟».
المسألة عندنا شخصية تماماً، بينما هذا السؤال يتم طرحه فى «أوروبا والدول المتقدمة»، على رأى فيلم «الإرهاب والكباب»، بطريقة: «هو انت مع برنامج فلان السياسى ولا مع برنامج فلان الآخر؟».
الخلاف فى المجتمعات المتقدمة المستنيرة ذات الوعى الكامل أنها تناقش «برامج» وليس «أشخاصاً»، وتفاضل بين حلول للمشاكل وليس انحيازات شخصية أو فئوية أو طائفية أو مناطقية.
لذلك كله نسمع فى الآونة الأخيرة أهم الأسئلة تطرح علينا بالشكل التالى:
«انت مع محمود طاهر ولا الكابتن بيبو؟».
«انت مع مرتضى منصور ولا منافسيه؟».
«انت مع الرئيس عبدالفتاح السيسى ولا الإخوان؟».
من حق الناس أن تنحاز لما تريد ولمن تريد، ومن حق الناس أن تختار بكامل حريتها، ولكن المفاضلة تكون أساساً بين فكرة وفكرة مضادة، وبرنامج عمل وبرنامج آخر، وبين إنجاز لهذا فى مقابل إنجاز لذاك.
المسألة ليست «شخصانية» أو «شعبوية»!
نحن نحب حتى التقديس، ونكره حتى الشيطنة!
المفروض -نظرياً- أن تكون عندنا رؤية نقدية لمن نحب وتكون لدينا رؤية موضوعية مجردة لمن نخالف.
إذا حدث ذلك استطعنا أن نرى من نحب ومن نخالف بشكل متجرد ومنصف.
من هنا أتعجب من الذين يسألون: هو انت مع السيسى ولا ضده؟.
هو انت مع الكابتن بيبو ولا ضده؟ وهو انت مع شفيق ولا ضده؟ وهو انت مع الاقتصاد الحر ولا ضده؟.
هنا نقول إن البوصلة التى تحرك الإنسان فى مواقفه هى أن يكون بالدرجة الأولى مع ما يؤمن تماماً أنه فى مصلحة الوطن.
لذلك أنا مع الرئيس السيسى لأن مصلحة مصر فى ذلك، ومع عودة الفريق شفيق لأن مصر بحاجة إلى عدم الدخول فى معارك فرعية والتركيز على معركتها فى محاربة الإرهاب والفقر، ومع الكابتن بيبو لأننى أعتقد أن مصلحة القلعة الحمراء تكمن فى ذلك.
طرح أى سؤال بطريقة خاطئة سيؤدى فى النهاية -حتماً- إلى إجابة خاطئة.
وكما قال مارك توين: «لا توجد إجابة غبية، ولكن يوجد -فقط- سؤال غبى»!!
الصراع يا قوم بين أفكار ومصالح وبرامج وليس بين أشخاص وأهواء واستلطاف!