بقلم - عماد الدين أديب
فى عشاء خاص مع جنرال روسى سابق كان يشغل عدة مناصب عليا فى الجيش الأحمر الشيوعى، ثم كان مسئولاً عن إدارة العمليات ضد «الإرهاب الدينى فى جنوب روسيا الاتحادية» توقفت طويلاً أمام عدة نقاط جاءت فى إجاباته حول أسئلتى:
1- أن القوة العسكرية الروسية الآن تضاعفت عدة مرات عن عهد صناعة السلاح فى الحقبة الشيوعية، وأن إنتاج هيئات الأبحاث الروسية وتوافر إمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الغربية أتاح لما يسمى بجيش الدفاع الروسى أن يتفوق فى الأداء على قوات حلف الأطلنطى.
2- أن تجربة الحرب فى سوريا أثبتت أن روسيا قادرة على اتخاذ قرار الحرب وسرعة التحرك اللوجيستى فيها، ثم إدارتها بأعلى قدر من الكفاءة القتالية وبأحدث مستوى من التسليح.
3- أن خبرة القتال التى اكتسبها الجنرالات فى موسكو نتيجة مواجهة الشيشان وما يُعرف عندهم «بالإرهاب الإسلامى» فى جنوب البلاد هى التى أعطتهم ميراث الخبرة عند مواجهة «داعش» و«جبهة النصرة» فى سوريا.
3- أن موسكو تعتبر -حتى الآن، ورغم وجود «صديق فى البيت الأبيض»- أن واشنطن وأجهزتها السياسية والأمنية هى العدو الأول لها.
4- أن الصين، رغم ميراث التعاون التاريخى مع روسيا، هى دولة صاعدة غامضة النوايا، وبزوغ قوتها فى غضون السنوات العشر المقبلة يُعتبر «تهديداً» صريحاً للنفوذ الروسى فى العالم.
5- أن القوة الصاعدة التى سوف ترسم مسرح القوى فى العالم خلال السنوات العشر المقبلة هى الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند.
6- أن الشرق الأوسط كان، وما زال، يشكل الجائزة الكبرى للدول العظمى لأنه مصدر الطاقة من بترول وغاز، وهو الذى يتحكم فى المنافذ البحرية والبرية للتجارة العالمية.
7- أن حلم روسيا القيصرية والشيوعية والاتحادية كان، وما زال وسيظل، هو الوجود البحرى على المياه الدافئة فى البحر المتوسط. لذلك تُعتبر قاعدة طرطوس البحرية فى سوريا كنزاً استراتيجياً لا يمكن التخلى عنه، وتصبح سواحل مصر وليبيا المتوسطة «تحت نظر» صانع القرار الروسى.
ويكفى أن تعرف أن روسيا تمتلك 15 ألفاً وثلاثمائة دبابة مقابل 8 آلاف وأربعمائة للأمريكان، وتمتلك 4600 مدفع ثابت مقابل 1299 للأمريكان، ولديها 3739 نظاماً صاروخياً متعدداً مقابل 1331 للأمريكان، بينما تتفوق عليها واشنطن فى الطائرات الدفاعية والهجومية وطائرات النقل والتدريب وفى حاملات الطائرات.
وتاريخ الجيش الروسى قديم، وفى العصر الحديث تكوّن الجيش الإمبراطورى الروسى عام 1721 وخاض حروباً إقليمية وأهلية وحربين عالميتين، وقاتل فى أفغانستان والشيشان وسوريا وشبه جزيرة القرم، ويبلغ تعداده الآن مليوناً وواحداً وأربعين ألف مقاتل.
إذاً، روسيا دولة قادرة على الحرب والردع والهجوم والمغامرة فى زمن التردد والحسابات المرتعشة.