بقلم : عماد الدين أديب
أجد نفسى مضطراً إلى أن أشرح اليوم ما هى طبيعة دور الصحافى، بعض القراء يفهمون خطأ أن دور الإعلامى حينما يكتب أو يذيع هو أن يضع لقرائه أو مشاهديه إجابات نهائية أو مطلقة حول التساؤلات الدائرة فى المجتمع، وبعضهم يعتقد أن الإعلامى عليه أن يقدم حلولاً نهائية لمشكلاتهم.
فى المعهد الدولى للصحافة ببرلين، الذى يعتبر المعهد الاحترافى الأول فى العالم، علَّمنا أساتذة الإعلام أن عمل الإعلامى يندرج تحت 3 أدوار:
الدور الأول: أن يخبر، أى أن يقدم الخبر الدقيق الصحيح.
الدور الثانى: أن يشرح ويحلل إذا توافرت لديه أدوات التحليل الموضوعى.
الدور الثالث: أن يقدم جميع الآراء بشكل متوازن.
وحذّرنا أساتذة الإعلام من ألا يحاول الإعلامى أن يفرض رأياً بعينه وإلا تحوّل إلى سياسى.
كثير من الزملاء الآن يرفضون فكرة الحياد فى التحليل، وعقب أحداث يناير 2011 خرجت عبارة خطيرة تقول «إن الحياد فى الرأى أو المواقف يعتبر خيانة»! والخيانة هنا للموقف السياسى، والحقيقة أن الإعلامى إذا تحول إلى صاحب موقف سياسى يلوّن به كل المعلومات والحقائق والآراء أصبح خائناً للمهنة.
إن دور الإعلامى شبيه بدور الطبيب المتخصص الذى يحلل تقارير تحاليل الدم والأشعة للمريض، الطبيب يقدم النتائج والحقائق المجردة دون تلوين.
نحن الآن -للأسف الشديد- نعيش مرحلة «الناشط الإعلامى» الذى يخاطب الجماهير بشكل شعبوى يسعى فيه إلى دغدغة مشاعرهم، واستمالة الحالة العاطفية التى يعيشونها.
«الناشط الإعلامى» يريد دفع الجماهير وقيادة مشاعرهم إلى الاتجاه الذى يتبناه. دور الإعلامى أن يقدم الخدمة الإعلامية متكاملة، أى الخبر الصحيح الدقيق، وشرح الحقائق بموضوعية، وطرح كل الآراء بشكل متوازن ومنصف، ثم يترك للمتابع له اتخاذ الموقف النهائى الذى يراه. ليس دور الإعلامى أن يختطف عقل الجماهير والتأثير على مشاعرهم.
إذا أراد الإعلامى أن يكون صاحب رأى سياسى فلينضم إلى حزب علنى، ويصرح بذلك للجماهير.
إذا أراد الإعلامى أن يقول رأيه ويحرك الجماهير، فإن عليه أن يجلس فى مقعد الضيف، وليس مقعد الصحفى.
المصدر : صحيفة الوطن