بقلم - عماد الدين أديب
يأتى يوم عيد الأم علىّ وعلى كل شخص فقد أمه يوماً صعباً للغاية، يشعر فيه الإنسان بالمعنى الحقيقى لليُتم.
نظرياً، وعملياً، تم دفن أبى وأمى فى مقابر منطقة أكتوبر، لكن نفسياً تم دفنهما فى صدرى وقلبى وروحى.
أمى كانت تمثل اتجاهات بوصلة الروح الأربعة التى تُحدّد لمسار العقل والقلب.
حينما توفى أبى انكسر ظهرى، وأصبحت بلا جدار أستند إليه فى هذه الحياة.
وحينما توفيت أمى انكسر قلبى، فأصبح شظايا مشاعر غير قادرة على أن تلملم نفسها.
أمى تعيش معى فى كل مسام الهواء الشاغر بوجودها، بحنانها الأسطورى، بعطائها اللانهائى.
لم تعرف أمى معنى الكذب، ولا مفهوم الخيانة، ولا كارثة نكران الجميل.
نعيش هذه الأيام فى زمن القوة، وعصر تدنى القيم، وذهاب المُثل وضياع قيمة الوعد والعهد.
نعيش فى زمن كيف تصعد بأى ثمن، حتى لو كان ذلك على جثث الآخرين.
ها أنا أسير فى نفق تلك الحياة التى تحولت إلى غابة مفترسة، الكل فيها يريد أن يفترس الكل، والجميع فيها يريد أن يحط من قدر الجميع.
الجميع يريد أن يصبح أسد الغابة الذى يطوع الجميع تحت سيطرته، مهما كان الثمن، وكيفما كانت فاتورة الضحايا.
كم أفتقد أمى، ذلك الملجأ العاطفى الدافئ، وذلك الملاذ الآمن، وتلك الحالة النادرة من العطاء الأسطورى بلا ثمن.
كل عام وأنتِ طيبة، وكل عام وأنا حزين..