بقلم - عماد الدين أديب
إذا كان هناك قهر تاريخى فى مصر فهو ما أسميه «القهر البيروقراطى».
منذ الفرعون الأول وهناك هرم إدارى متسلسل يبدأ من العمال إلى الكتبة إلى الجنود إلى الكهنة إلى الأسرة إلى الفرعون.
هذا الهرم الإدارى له نظامه المعقد والراسخ الذى يجعل المواطن دائماً وأبداً تحت رحمة ممثلى الدولة بكل مستوياتهم ورتبهم ووظائفهم.
وإذا كانت مصر هى أول من عرف «فجر الضمير» الإنسانى، فهى أيضاً بوصفها أقدم دولة فى التاريخ فهى أقدم نظام بيروقراطى يقوم على مبدأ «السيطرة الكاملة على كل مراحل اتخاذ القرارات التى تهم البلاد والعباد».
وحينما شاهدت حلقة أمس الأول من برنامج «كل يوم» التى خصص الأستاذ عمرو أديب قسماً منها لمناقشة قانون العلاج المجانى لأى مواطن لمدة 48 ساعة فى أى مستشفى إذا تعرض لأزمة صحية أو حادث مفاجئ، شعرت بأن القهر البيروقراطى ما زال حياً وبصحة ممتازة.
هذا القرار أصدره المهندس إبراهيم محلب حينما كان رئيساً للوزراء لأسباب إنسانية نبيلة من أجل خدمة المواطنين، ولكن جاءت لائحته التنفيذية كى تُفقد هذا القرار العظيم الكثير من أهدافه ومعانيه.
المأساة أن جميع الأطراف تدرك أن هناك خللاً فى اللائحة، والجميع يعرف أن ذلك غير إنسانى وغير منصف، ولكنهم جميعاً يخشون أن ينالهم عقاب مخالفة القانون.
لقد وصلنا إلى مرحلة أن يضطر الطبيب الإنسان أن يغامر بوظيفته حتى ينقذ حياة طفل أو صبى أو كهل من الموت.
متى نحطم تلك البيروقراطية تحطيماً ونحترم القانون الأعظم وهو قانون احترام إنسانية الإنسان؟