بقلم - عماد الدين أديب
«يعنى إيه دولة وطنية؟» سؤال مهم أعتقد أنه يجب أن تُطرح إجابته على التلاميذ منذ صفوف الدراسة الأولى.
ويسمع أهل مصر المحروسة هذا المصطلح بكثرة منذ يناير 2011 دون أن يكون هذا المفهوم قد تم شرحه وتأصيله فى عقول وضمائر ونفوس الشعب.
وفى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر الماضى قال: «إن الحل الجوهرى الذى يمكن أن ينقذ العالم من أزماته فى أماكن التوتر هو الحفاظ على الدولة الوطنية».
وأسهل تفسير لهذه التسمية هو ما يعرف بالمعاكسة، أى أن ما يحدث مثلاً فى انهيار نظام الدولة فى العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال هو نموذج معبّر لسقوط الدولة الوطنية.
ومصطلح الدولة الوطنية أصله يونانى، وهو «باتريوتيس»، وكان يطلق فى البداية على مجموعة متجانسة من البشر ينتظمون تحت «عشيرة»، وتطور المفهوم فى القرون الوسطى فى بريطانيا، حينما ظهر مفهوم «الملك الوطنى»، أى الحاكم الذى يوحّد الشعب والأرض والمؤسسات تحت سيادة الدولة الواحدة.
وجاء المفكر جورج هيجل ليقدم تعريفاً بأنه نوع من «المشاعر السياسية»، واعتبر هيجل بأن تضحية الفرد بمصالحه لصالح الدولة هى أعظم مقياس واختبار إنسانى للوطنية.
ويتعارض مفهوم الدولة الوطنية مع كثير من نظريات جماعات مختلفة تنتمى للإسلام السياسى، على أساس أن الوطن عندهم بلا حدود موضوعة، وأن مشروع الخلافة الإسلامية لا يعرف أى حدود جغرافية مستقرة، لأنها «موضوعة من قِبل قوى الاستعمار»، ولأنها تقف ضد مشروع «الأمة الإسلامية» التى يجب أن تنتشر بلا قيود أو حدود.
وللأسف حتى الآن، فإن اجتهادات المفكرين الذين يتبنون مشروع دولة الإسلام السياسى لم يصلوا إلى حلول عملية ونزيهة للحفاظ على الدولة الوطنية.