بقلم : عماد الدين أديب
علّمنا التاريخ، وهو خير معلّم، أن أى صراع بين سلطات الدولة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، هو صراع الجميع فيه خاسر ويهدد الدولة فى صميم بنيانها.
لذلك نقول إن الخلاف المحتدم الآن بين السلطات الثلاث فى مصر حول قانون الهيئات القضائية يشكل خطراً حقيقياً على الجميع. ودون الدخول فى مسألة مَن المخطئ ومَن المصيب، ودون الانحياز لهذا الطرف أو ذاك، نتوقف طويلاً بالتحليل أمام أسلوب إدارة العلاقات بين السلطات الثلاث وغياب حالة التفاهم ومد جسور الحوار الموضوعى بينها.
وليس مطلوباً أن تكون السلطات الثلاث سلطة واحدة وإلا فقدت ما يُعرف بحالة «الضبط والتوازنات» أى أن تضبط كل سلطة الأخرى، مما يحقق التوازن غير المختل بينها.
ففى الولايات المتحدة الآن يدور جدل شديد بين الجميع حول تعدى السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس ترامب على سلطة التحقيق التى كان يمثلها «كومى» المدير العام لجهاز المباحث الفيدرالية الذى كان يجرى تحقيقاً حول علاقة أنصار ومساعدى المرشح ترامب مع روسيا أثناء معركة سباق الرئاسة.
ويقول خبراء القانون فى العاصمة الأمريكية «إن الآباء المؤسسين الذين وضعوا الدستور الأمريكى منذ أكثر من 200 عام صنعوا حالة عبقرية من الضبط والتوازنات بين السلطات الثلاث حتى لا تتغول سلطة على أخرى».
وفى يقينى الراسخ أن الأخذ والرد الحالى بين الحكومة ونادى القضاة لن يؤدى إلى شىء، بل سيضر بكل طرف، وسوف يجعل العلاقة بين السلطات الثلاث فى حالة شد وتوتر.
إن العلاقة بين السلطات الثلاث شبه يومية وهى عصب الحياة السياسية فى البلاد، وقانون الهيئات القضائية ليس هو الأخير، بل هو واحد من مئات القوانين، وبالتالى فإن كل جهة - إذا دخلت فى حالة من العناد السياسى - قادرة على تعطيل الأخرى والإضرار بمصالح البلاد.