بقلم - عماد الدين أديب
تعريف الذكاء هو القدرة على الاختيار الصحيح والمفاضلة بين البدائل.
وكرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بأن جعله المخلوق الوحيد من كل الكائنات القادر على الاختيار من خلال نعمة العقل الذى يمكن من خلاله التمييز بين الأشياء.
وإذا كان الإنسان والحيوان يشتركان فى أنهما يأكلان ويشربان ويتناسلان، فإن فضل الإنسان على الحيوان بالقدرة على التفكير والاختيار.
وكانت نظرية العالم داروين الشهيرة القائمة على دورة «النشوء والارتقاء» التى خلصت إلى أن الإنسان مر بمراحل تطور فى خلقه، منها أن أصوله كانت ترجع إلى القرود، ومن هنا يمزح البعض قائلاً الإنسان أصله قرد، ويأخذ البعض المسألة إلى الطرف الآخر لإثبات عدم وجود دور للخالق، سبحانه وتعالى، فى خلق البشر «والعياذ بالله».
الإنسان إذن مخلوق عاقل، يملك حرية الاختيار ورجاحة التفكير، ورغم ذلك فإن سجله على الأرض بعيد تماماً عن هذا الأمر.
الأخ قتل أخاه، والأمم كذبت الأنبياء والرسل، والمرأة تم استعبادها، والحكام استبدوا بالرعية، والقوى قام بغزو الضعيف، وغاب العدل وساد القهر، وعاشت الأديان الثلاثة الرئيسية اليهودية والمسيحية والإسلام مراحل ظلامية بسبب سوء استخدام الدين فى قهر إرادة الناس.
واخترع الإنسان القنبلة النووية، وحتى الآن لم يخترع علاجاً للسرطان!
ومارست المؤسسات المالية والمصارف الربا البواح الذى امتص دماء الناس وعرقهم وتاجرت بأرزاقهم ومصائرهم.
وعاشت البشرية تمنع الناس من ممارسة نعمة الله الكبرى التى منحها الله لهم، وهى التفكير وعاقبت كل فكر وكل حر بالمطاردة والحبس والإعدام.
وأصبحت قصة البشرية هى قصة مؤامرة طويلة ممتدة الحلقات تعتمد على أن الأقوى يفتك بالأضعف، والأكثر ذكاء يستغل قدراته العقلية للسيطرة على الأقل علماً وذكاءً.
وأصبحنا نعيش فى عصر «القوى المتغلب»، الذى يفرض شروطه فى السياسة والمال والثقافة والإعلام، حتى أصبحنا نعيش حالة مخيفة من «طمس الهوية الوطنية».
منح الله الإنسان العقل كى يحسن الاختيار، ورغم ذلك يختار الشر على الخير، والظلم على العدل، والقتل على التسامح، والموت على التعايش، والتمييز على المساواة، والغباء على الذكاء.
ذلك كله لا يثبت أن الإنسان أصله قرد، ولكن يثبت أن القرد أصله إنسان.