ما هى الانتخابات البرلمانية اللبنانية؟
ببساطة هى أسخن وأصدق وأعقد انتخابات تشريعية فى العالم العربى.
البرلمان يلعب دوراً رئيسياً فى تاريخ البلاد منذ عام 1943.
هذه المرة تأتى الانتخابات وهناك أربعة عناصر لا بد من الإحاطة بها قُبيل الدخول فى التفاصيل والنتائج.
أولاً: أنها أول انتخابات عقب انتخابات عام 2009 بعدما تم التمديد للبرلمان السابق 3 مرات فور مدته القانونية.
ثانياً: أن هذه الانتخابات تتم -لأول مرة- على نظام القائمة النسبية ذات الصوت التفضيلى وليس على نظام الأكثرية، كما كان الحال سابقاً.
ثالثاً: أنها تتم حسب نظام تقسيم إدارى جديد يجعل من لبنان 15 دائرة انتخابية.
رابعاً: أنها تتم فى ظل اقتصاد مأزوم، وحدود متوترة، ووضع إقليمى شديد الخطورة، وعدم اتفاق واضح بين القوى الدولية حول مستقبل سوريا ولبنان.
فى ظل هذه الظروف المعقدة والملابسات الخطرة ذهب الناخبون يوم 6 الحالى كى يختاروا 128 عضواً للبرلمان الجديد، من ضمن 597 مرشحاً، بينهم 86 امرأة، يطرحون أنفسهم فى 77 قائمة متنافسة للفوز بأصوات 3٫7 مليون ناخب مسجلين.
تمت الانتخابات وجاءت بحقائق ووقائع يمكن تحديدها على النحو التالى:
1- نسبة الحضور كانت 49٫2٪ ممن لديهم حق التصويت.
2- صعود قوى التصويت الثنائى الشيعى (حزب الله وأمل).
3- تشرذم وانقسامات الصوت السّنّى، وبالذات فى بيروت، حيث تنافست 9 لوائح على الإضرار بالصوت السّنّى، وقائمة تيار المستقبل فى الدائرة التالية، حيث ترشح سعد الدين الحريرى.
ورغم ذلك تأتى مجموعة تيار المستقبل البالغة 21 نائباً، بانخفاض 13 مقعداً عن الانتخابات الأخيرة، لتؤكد وجودها رغم نظام التصويت، ورغم شحّ أى مال سياسى مساند لها.
4- صعود الصوت المسيحى المارونى لقوى القوات اللبنانية «سمير جعجع»، والتيار الوطنى الحر «جبران باسيل صهر الرئيس ميشيل عون».
الملاحظة الجوهرية أن الوضع الاقتصادى الضاغط، وتأثيرات نزوح مليون ونصف المليون سورى إلى لبنان على سوق العمل، وتدنّى الخدمات، أصاب الطبقات الفقيرة والشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة بالإحباط السياسى والقلق الشديد من المستقبل القريب، فى ظل حدود ملتهبة، وعلو صوت طبول الحرب فى المنطقة.
يعرف رجل الشارع اللبنانى أكثر من أى رجل شارع عربى أنه وحده دون سواه الذى اعتاد أن يدفع ثمن حرب الغير على أرضه، بعدما استمر ذلك طوال 17 عاماً، وعاصر حصاراً إسرائيلياً لعاصمته استمر 120 يوماً، وعاصر 4 حروب حدودية فى الجنوب والبقاع.
الجميع استباحوا لبنان سياسياً وأمنياً ومالياً، وأصبح السلم الاجتماعى فى البلاد مخيفاً، لأنه ببساطة يعبّر عن لوردات حرب سابقين تحولوا إلى مقاولى سياسة وتجار أزمات، مقابل شعب كادح يحفر فى جبال الصخر بإبرة، لا يحصل على خدمة أو رعاية أو سلعة مدعومة.
من هنا تصبح مسألة «مَن يمثّل الناس» هذه المرة فى لبنان هى مسألة استثنائية بشكل ضاغط.
الخوف كل الخوف أن تشهد الأيام المقبلة تسديد فواتير المعركة الانتخابية، وتظهر حالات من الانقسامات داخل كل تيار.
إن ما يحدث فى لبنان، وهو ينتظر أن يدفع جزءاً من فاتورة الصراع الأمريكى - الإيرانى على أرضه، أن نرى عبارة رئيس الوزراء الصينى الراحل شواين لاى تتحقق: «سوف نعيش تحالفات جديدة، وانقسامات جديدة، وفوضى فى كل مكان».
(بيروت - 2018)