سوف أطرح سؤالاً مباشراً وأعرف أننى سوف أشتم عليه من الآن حتى قيام الساعة.
لكن العقل الموضوعى الذى لا يعرف قوالب جامدة أو أيديولوجيات متصلبة يسعى دائماً للبحث عن الحقيقة.
كان الفيلسوف برتراند راسل يقول دائماً: «لا إجابة دون سؤال».
ومعنى العبارة، أنك منطقياً إذا كنت تبحث عن إجابة، فإنه من الطبيعى أن يكون هناك سؤال.
وسؤال اليوم يا أعزائى هو: من -حقاً وصدقاً وفعلياً- يريد الحرب مع إسرائيل ويعمل ليل نهار على القضاء عليها قضاءً مبرماً؟
وإذا أردت أن أصعّب المسألة على نفسى وعليكم أطرح السؤال المخيف وهو «مين فى أى حرب مع إسرائيل كان يريد القضاء عليها؟».
الحرب الوحيدة الجادة كانت حرب أكتوبر 73 لتحرير سيناء، والأخرى حرب تحرير الجنوب، بهدف إخراج الاحتلال الإسرائيلى.
بقية الحروب والتصريحات والبيانات والمؤتمرات كلها «ورق على ورق» وكانت للاستهلاك المحلى، ولدغدغة مشاعر الشارع العربى، وإبعاد أولوياته السياسية عن الملفات الداخلية واختطاف الاهتمام كله نحو العداء لإسرائيل وتأجيج المشاعر القومية العروبية.
سمعنا عن صواريخ ستقسم إسرائيل إلى نصفين.
وسمعنا عن استخدام السلاح النووى تجاه الصهاينة.
وسمعنا عن فيلق القدس فى إيران، وعن جيش الـ7 ملايين مقاتل فى العراق.
وسمعنا عن مليون مشروع لقيادة عسكرية عربية موحدة.
تحدثنا عن الحرب ولم نحارب إلا حينما كان السيف على الرقبة.
واليوم أصبح البعض منا يعيش فى كوكب آخر لا يدرى أن القدس والجولان قد تم ضمهما رسمياً للدولة العبرية، وأن محيط غزة، ومحيط وداخل الضفة الغربية، وحول القدس أصبح يعيش داخل غابة من المستوطنات، وأن أهل القدس الأصليين من العرب يتناقصون تدريجياً، ولا يتم تجديد هوياتهم المقدسية إلا بصعوبة.
نتحدث عن الحرب ولا نحارب، وندعو إلى مشروع سلام، ونخجل من تحمل تبعاته.
أسوأ ما فى الأمور أن إسرائيل توقفت عن البحث عن شريك سلام فلسطينى، أو عن ضامن سلام عربى.
أسوأ ما فى الأمور أنه لم يعد هناك مشروع الدولتين، ولكن مشروع دولة واحدة هى إسرائيل.