بقلم - عماد الدين أديب
هناك تهديد للمسجد الأقصى من قبل المتطرفين الصهاينة، وهناك تهديد للكعبة المشرفة من الحوثيين.
فى القدس كانت هناك محاولة لإشعال حرب دينية بين اليهود والمسلمين.
وفى الحجاز كانت هناك محاولة لإصابة مكة بصاروخ «حوثى» لإثارة فتنة شيعية سنية.
إن محاولة إشعال الصدام بين الأديان والفتنة المذهبية هى لعب مخيف بالنار وسكب أكبر برميل زيت فى العالم على مركز هائل للهستيريا والنيران.
كل شىء يتحرك إقليمياً من أجل تأجيج كل أشكال الصراعات الدينية والمذهبية بهدف إثارة الفوضى والانقسام المطلوب بعدما بدأ الفصل الأول من هذا المشروع الشيطانى المعروف باسم «الفوضى الخلاقة».
وسط كل هذا الجنون والتصعيد الأهوج تقع مصر جغرافياً وسياسياً فيما سماه الدكتور جمال حمدان «عبقرية المكان» الذى يدير ويسيطر ويؤثر ويتأثر بكل ما يدور حوله فى هذه المنطقة.
وكلما تحدثت عن تأثيرات المخاطر الإقليمية على الدور المصرى اختلف معى العديد من الزملاء تحت دعوى أن مصر منشغلة بنفسها وغير راغبة وغير قادرة على لعب أى دور فى هذه الصراعات.
والبعض لا يدرك أن القاهرة لا تملك رفاهية القرار أن تكون أو لا تكون طرفاً فاعلاً ومؤثراً فيما يدور من حولها.
إن كل نظريات الأمن القومى الخاصة بمصر تؤكد أن الأمن القومى المصرى يبدأ من بلاد الشام القديمة (سوريا - لبنان - فلسطين).
وفى كتابات سليمان باشا الفرنساوى عن مصر ما يفيد بأنه يؤمن تماماً بأن الأمن القومى المصرى يبدأ من مضايق سيناء وأن أمن المضايق يبدأ من جبال طوروس وأن من يمتلك مفاتيح الشام يمتلك مفاتيح مضايق سيناء ومن يمتلك المضايق يمتلك القاهرة.
أمن البحر الأحمر، وبالذات عند مضيق «باب المندب»، له التأثير المباشر على أمن قناة السويس وسيولة وحرية العبور منها وإليها.
إن ملفات فلسطين وسوريا واليمن ليست بعيدة أبداً عن التدهور أكثر مما هى عليه.
فى الوقت ذاته لا يجب أن نغفل أن قضية القضايا فى الأمن القومى المصرى بشكل مباشر هى قضية «الأمن المائى» وتأثر هذا الملف بمشروع سد النهضة بإثيوبيا وتأثيراته على حصة مصر من مياه النيل.
لذلك نصرخ ليل نهار وننبه إلى أن مصر المنغلقة على نفسها والمنعزلة عما يدور حولها هى فى خطر شديد.
علينا إقليمياً أن نتحرك من مقعد المشاهد إلى لعب دور الطرف الفاعل بقوة والحكيم بوعى.