بقلم - عماد الدين أديب
الطبقات الاجتماعية درجات، ومدى رضاء أو سخط أى منها يختلف حسب وضعها الاجتماعى، وثقافتها، وطبيعة التقسيم الطبقى فى كل مجتمع.
وأزمة الأزمات فى مصر، هى انحسار وتآكل الطبقة الوسطى المصرية خلال العقد الماضى وبشكل متسارع عقب الآثار الاجتماعية والأضرار الاقتصادية التى لحقت بالبلاد والعباد خلال فترة ما بعد يناير 2011.
ومنذ تحرير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى هناك ردود فعل متفاوتة ومتباينة للطبقات كل حسب مدى تأثره.
هناك من أصبح سعر السيجار الكوبى والكافيار الروسى، والفواجرا الفرنسية، والكورن فليكس الأمريكى بالنسبة له أضعاف أضعاف سعره لأنها مواد مستوردة.
وهناك من أصبح مأزوماً لأن مصروفات أولاده فى المدارس الأجنبية والجامعات الخاصة يتم دفعها بالدولار رغم أن دخله كله بالجنيه المصرى.
وهناك من كان يتعيش على بضعة دولارات يرسلها أحد أفراد أسرته شهرياً من الخليج فزادت قيمة تغييرها بالجنيه المصرى.
وهناك من يدفع ثمن فاتورة الدولار، وهو لم يسمع به، ولا يستفيد منه، ولا يتعامل به أبداً لأن كل شىء ارتفع سعره إلى حد الضعف -على الأقل- مما جعل تكاليف الحياة عليه شبه مستحيلة.
وهناك من تضاعفت ثروته فجأة لأن أرصدته كلها كانت بالدولار، وهناك من تنازل عن حلم العمرة أو الحج لأن الريال السعودى أصبح صعب المنال بعدما زادت قيمته مقابل الجنيه المصرى 170٪ على الأقل.
وهناك من أصبحت مستلزمات إنتاجه أكثر كلفة، مما جعله يرفع قيمة ما يقوم بتصنيعه على حساب المستهلك النهائى.
لكل قرار من يستفيد منه ومن يعانى منه، وهناك من يتألم منه على المدى القصير المباشر ثم يستفيد منه على المدى الطويل غير المباشر.
إنها معضلة أى إصلاح اقتصادى تلك التى يضطر فيها البسطاء إلى تجرع الدواء شديد المرارة.
ثمن الإصلاح الاقتصادى مكلف قد تدفعه طبقات اجتماعية، وقد يُضحى فيه بأجيال حالية من أجل أجيال مقبلة.
وحتى الآن لم يخترعوا جراحة اقتصادية بدون أى ألم.