«أهل البلد» من المقيمين

«أهل البلد» من المقيمين

المغرب اليوم -

«أهل البلد» من المقيمين

عبد الرحمن الراشد

انتهى قلق أربعة ملايين مقيم كانوا مخالفين لنظام الإقامة في السعودية، بعد فترة سبعة أشهر عفوا منحت لهم لتصحيح أوضاعهم القانونية للمقيمين، حيث جرى إعادة منحهم جميعا حق العمل. مع هذا بقي كثيرون، ولا أعتقد أن أحدا يعرف كم عدد الذين لم يصححوا أوضاعهم، بضعة آلاف أم عدة ملايين! إنما من الواضح أن الأجهزة الأمنية تواجه مهمة عسيرة لإخراجهم والسيطرة على الأوضاع كما بدا من أول حملة تفتيش واسعة في بعض أحياء الرياض، التي اندلعت فيها أعمال شغب واسعة لم تعرف لها العاصمة مثيلا من قبل. ولا جدل في أن الوضع أصبح خطيرا نتيجة سنوات الفوضى المتراكمة، جراء تزايد العمالة غير القانونية، أمنيا واجتماعيا. ولن تكون عملية إخراج المخالفين من البلاد عملا سهلا، كما أنه لن يكون سهلا أيضا حراسة ومنع تسلل الآلاف إلى داخل البلاد، عبر الحدود البرية الطويلة للسعودية، أكثر من 4400 كيلومتر، المفتوحة على ثماني دول، والحدود المائية على بحرين، بطول 2600 كيلومتر. الممكن هو جعل استخدام العمالة غير القانونية مكلفا على أرباب العمل السعوديين أنفسهم. وفي الوقت نفسه تسهيل عملية استخدام العمالة داخليا عبر الشركات المتخصصة بدلا من الاستقدام المباشر، ومنع نظام الكفلاء الذي أضر بالجميع، والانتقال إلى نظام أفضل للعامل إنسانيا من خلال شركات تحافظ على حقوق العمال وتحقق أمن البلد. حملة التصحيح والتفتيش ناجحة، لكن للحملة ضحايا، أبرزها فئة لا تدخل في إطار العمالة المخالفة كما نعرفها اليوم. هناك من ولد، وعاش، ولم يعرف بلدا غير السعودية، هؤلاء في كثير من دول العالم يصبحون مستحقين للجنسية. منهم من عاش أربعين عاما، وأصبح واحدا من أهل البلد بمعناها الحقيقي، لا القانوني. أيضا، لا نعرف كم عددهم، ومهما كان العدد، ولا أتصور أنه كبير مقارنة بالمخالفين المعاصرين. وأقل ما يمكن فعله من أجل الذين عاشوا معنا، وشاركوا الناس غبار الأيام ونفطها، وعملوا بلا كلل، منحهم حق الإقامة ولعائلاتهم، مجرد تثبيت حق كانوا يتمتعون به قبل أن يوجد مخالفون وحملات. المقيمون من «أهل البلد» يستحقون تصحيح أوضاعهم بشكل استثنائي لأننا أمام أمر يتكرر في كثير من المجتمعات، حيث تصبح المواطنة بحكم الأمر الواقع، الوجود الطويل الذي يجعل من الناس مهما كانت جنسياتهم وأجناسهم أهل بلد. ولا ننسى أن وجود دولة قوية ومصدر دخل هو النفط وراء كل ما نراه. من دونهما، ربما غادر معظم السعوديين للعمل، كما كان يفعل أجدادهم، إلى العراق والشام ومصر والهند، وربما ركبوا البحر مثل بقية العرب الذين هاجروا إلى ما وراء الأطلسي بحثا عن لقمة العيش. هذا الشعور، البحث عن فرصة أخرى للحياة، ليس مسألة صعبة الفهم للمحرومين منها. نحن نشهد تصحيحا لأوضاع المواطنين والمقيمين، يبدو كمشروع متكامل يستكمل نشاطه بما نراه اليوم. بدأ بتحديث تسجيل كل المواطنين، لتترافق مع تطوير أنظمة التوثيق الإلكترونية من بصمة وتمليك للمرأة حق حمل الهوية. ثم أعيد ترتيب الاستقدام أنظمة وأجهزة، وجرى مباشرة تصحيح أوضاع العمالة حتى يمكن تدويرها والاستفادة منها بجعل إقامتها قانونية. إضافة إلى بدء تأسيس شركات تكون مسؤولة عن حقوق الطرفين، العامل ورب العمل، وتسهل ترتيب السوق وفق الحاجات. والآن، بدأت المهمة الصعبة إخراج المخالفين، حيث رأينا شبه حرب شوارع في الرياض. هذا التصحيح الكامل للأوضاع لا تستوجبه فقط الحاجة الأمنية، بل كذلك ضرورات التنظيم المدني للمجتمع لصالح الطرفين. نقلًا عن "الشرق الأوسط"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أهل البلد» من المقيمين «أهل البلد» من المقيمين



GMT 19:20 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 19:17 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 19:15 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 19:13 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 19:10 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 19:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 18:58 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

جمال بدوي محارب قديم!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد
المغرب اليوم - رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد

GMT 05:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 20-12-2024 والقنوات الناقلة

GMT 22:28 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تطلب من إسرائيل عدم قصف مطار بيروت

GMT 08:50 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد أولاد يرفع غلته التهديفية لأربعة أهداف

GMT 11:06 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

المدرسة آلية إنتاج بذور المجتمع المختارة

GMT 07:17 2016 الأربعاء ,18 أيار / مايو

حقيقة الإعلامي أحمد موسى الخفية

GMT 14:51 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

رانيا فريد شوقي تنشر صورة مع أختها في الانتخابات

GMT 11:31 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

رفوف مخصصة للنظارات

GMT 04:03 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

زهير فضال يقدم موسمًا متميزًا مع "ديبورتيفو ألافيس"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib