«مؤتمر جدة» مطلب المتحاربين

«مؤتمر جدة» مطلب المتحاربين

المغرب اليوم -

«مؤتمر جدة» مطلب المتحاربين

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

مؤتمر جدة للحرب الأوكرانية جاء بعد شهرين تقريباً من اجتماع كوبنهاغن لنفس القضية. المضيف هنا، السعودية، ليس طرفاً في الحرب، في حين أن الدنمارك جزءٌ من معسكر أوكرانيا والغرب، ضد روسيا. إضافة إلى أن حلفاء روسيا، والمؤيدين لموقفها شاركوا في جدة، الصين والهند. الروس، رغم أنهم ضد حضور الرئيس زيلنسكي، أعلنوا أنهم سيتابعون مجريات الاجتماع والتعامل معه.

الأزمة تكبر دولياً، رغم أن المتقاتلين عاجزون عن التقدم بعيداً على أرض المعركة؛ أحلاف عسكرية وسياسية متضادة، وتوازنات دولية، التهديد بإقحام أراضي دول أخرى في الحرب، تهديدات نووية، ومجاميع ميلشيات شيشانية وروسية، حرب غواصات في البحر الأسود، ودرونز إيرانية، واستخدام القمح من قبل أوكرانيا وروسيا إلى سلاح في المعركة، وقصف الموانئ والجسور، وحرب الإنتاج وبيع الغاز والنفط مستمرة.

حوار جدة ليس تسجيل موقف سياسي، وجزء من العمل الإعلامي الحربي. الحقيقة أن الجانبين، الروسي والغربي، على قناعة، أكثر من السنة الماضية، بأن الحسم العسكري يبدو مستحيلاً، الآن. والمطلوب هو البحث عن حل لإنقاذ المتحاربين، الروس والغرب، من تداعيات الأزمة. كيف يمكن أن يوجد حل لهذه القضية بعد أن تورَّط الجانبان في وحلها؟

هل تقبل موسكو أن تعود قواتها دون مكاسبَ، وتلبية أقصى مطالب كييف، وهو: «العودة لحدود أوكرانيا السابقة، وضمنها أراضي القرم» التي ضمتها روسيا منذ عام 2014؟

هل يقبل الغرب التنازل عما يعتبره الكرملين أقاليمَ روسية، يسميها «الحقائق الإقليمية الجديدة»؟ أم أن هناك خياراتٍ أخرى، تمنح كل فريق شيئاً يعود به ويعلن انتصاره؟ ضمانات أمن كييف وسيادتها، ومنح حكم ذاتي لمناطق شبه روسية ديموغرافياً؟

المسافة بين توقعات الروس والأوكرانيين بعيدة، ولهذا اجتماع جدة ضرورة. تطورات الحرب تنذر بأنها ستخرج عن السيطرة، وكل يوم تزداد تعقيداً. دخول قوات «فاغنر» الروسية دولة بيلاروسيا، والتهديد بامتداد الحرب للجوار، قد يكونان وسيلة ضغط على واشنطن وحلفائها. أيضاً، تمدد الهجمات الأوكرانية نحو جزيرة القرم. والأخطر، الجرأة على تنفيذ هجمات درونزية على أهداف حيوية في موسكو نفسها، التي لم يستطع هتلر بقواته تهديدها. انتقال الحرب إلى خارج أرض المعركة نفسها تطور خطير؛ ففي حروب القوى الكبرى، بقيت المعارك في مناطق النزاع، مثل فيتنام والعراق وأفغانستان، ولم تعبر الحدود إلى أميركا أو أوروبا مثلاً. وأخيراً، صار صوت التلويح بالحسم النووي يرتفع.

من المبكر أن يتوصل المتقاتلون إلى حل يوقف الحرب، إنما مجرد بدء الحديث سيقود في الغالب إلى النتيجة المطلوبة؛ حل يحفظ للفرقاء شيئاً من المكاسب، في حين أن الهدف الحقيقي هو وقف الخسائر التي يتكبدها الطرفان بشكل يومي.

حرب أوكرانيا هي أخطر وأهم الحروب، الأولى من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية، التي اعتبرت الحرب التي أنهت الحروب الأوروبية، وأبقى التفاهم على أوروبا خارج النزاعات، وعاش المعسكران الشرقي والغربي أربعة عقود في حرب باردة دون دخول دبابة واحدة في مناطق نفوذ المعسكر الخصم حتى انهار جدار برلين وانهار الاتحاد السوفياتي.

احتلال أوكرانيا فتح جروحاً قديمة، وأعاد العالم إلى زمن تخندقات الحرب الباردة. ماذا عن السعودية نفسها؟ السعودية اليوم ليست مثل سعودية الأمس لاعتبارات كثيرة. في الحرب الباردة القديمة لم يكن للرياض حتى علاقات دبلوماسية مع المعسكر الشرقي، بكين وموسكو. اليوم، اختارت منطقة محايدة، تبيع معظم بترولها للصين، ولا تزال أكبر الشركاء التجاريين مع الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. علاقاتها بالرئيس الروسي بوتين جيدة، وكذلك مع الرئيس الأوكراني. موافقة الصين والهند على الحضور، عملياً عكست هذه العلاقات السعودية المنفتحة، ورغبة الجميع في الاشتراك في صياغة حل ينهي الأزمة التي تهدد العلاقات الدولية؛ فمحاصرة التجمع الغربي لروسيا عسكرياً واقتصادياً ترفضها الصين، في وقت تحذر واشنطن الصينيين من دعم موسكو وتبعات الانحياز.

اجتماع 42 دولة في جدة للبحث في الأزمة الأوكرانية خطوة متقدمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مؤتمر جدة» مطلب المتحاربين «مؤتمر جدة» مطلب المتحاربين



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib