استهداف إيران مثير ومفاجئ

استهداف إيران مثير ومفاجئ

المغرب اليوم -

استهداف إيران مثير ومفاجئ

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

كان أول وآخر هجوم أميركي على إيران في الداخل عمليةً عسكريةً فاشلة اسمها «مخلب العقاب». في عام 1980، قررت الحكومة الأميركية تخليص مواطنيها الرهائن المحتجزين في سفارتهم في طهران. خططت لهجوم عسكري يفترض أنه خاطف استخدمت فيه حاملة طائرات، طائرات مقاتلة، وطائرات شحن عسكرية، وهليكوبترات وقوات خاصة ومارينز. أحبطت العاصفة الترابية العملية وبعدها صام الأميركيون عن فكرة الهجوم المباشر واكتفوا بالرد عن بعد، مع عمليات انتقامية بالوكالة.
ثم بعد هذا الغياب الطويل فوجئ العالم بهجوم مثير مفاجئ يحمل بصمات أميركية وإسرائيلية على مصانع الدرونز في أصفهان. الهجوم بطائرات مسيرة (الدرونز)، رد واضح على مشاركة «الدرونز» الإيرانية في حرب أوكرانيا.
بعد تصاعد الخلاف الأميركي مع الصين ونشوب الحرب مع روسيا في أوكرانيا، عاد النفط والغاز والمنطقة وإيران إلى الواجهة.
المناورات الأميركية الإسرائيلية الأسبوع الماضي كانت حدثاً مهماً، موجهة بشكل واضح ضد إيران، شملت التدرب على التعامل مع التهديدات النووية. الهجوم العسكري هو رسالة أكثر من كونه إعلانَ حرب، وبمقدور طهران إعادة تأهيل المواقع المدمرة. إيران ستكون ضمن دائرة أهداف الحرب في أوكرانيا.
ليس لنا يدٌ في حرب أوكرانيا، ولا في الهجمات على إيران، إنما أضافت بُعداً جديداً. فقد نقلت الصراع الروسي - الغربي إلى منطقة الشرق الأوسط، بما يتجاوز الصراع على سوريا. فالإعلام الروسي يحث حكومته على دعم إيران وبرنامجها التسليحي بما فيه نووياً. ومن المستبعد أن تفعلها موسكو لأسباب متعددة. عندما وافق الإيرانيون على أن يصبحوا المزود الرئيسي للروس في أوكرانيا بالمسيرات (الدرونز)، لا بد أنهم كانوا يدركون أنهم يدخلون لعبة أخرى خطيرة، وفي اعتقادي كان هدفهم المساومة عليها مع الغرب للعودة إلى الاتفاق الشامل وفق شروط تفضيلية لصالحهم. باختصار دخولهم غير المباشر في حرب أوكرانيا هدفه مفاوضات فيينا. المفاجأة ردة فعل إدارة جو بايدن بضرب إيران مباشرة وليس استهداف وكلائها في الخارج، كما كان يحدث في الماضي.
الإعلام الروسي يردّ بتسويق إشاعات تقول إن قصف الأميركيين وحلفائهم المراكز العسكرية الإيرانية هدفه التعمية على المفاوضات السرية الأميركية مع إيران. الحقيقة مساعي التفاوض ليست سراً، سواء تلك التي كانت في فيينا أو نيويورك بين روبرت مالي، المسؤول الأميركي عن الملف الإيراني، وبين السفير الإيراني في الأمم المتحدة. الهجوم الكبير هدفه إجبار إيران على التوقف عن تزويد روسيا بالأسلحة في أوكرانيا، والأرجح أن يستمر استهدافها إن أصرت على إرسال مسيراتها وصواريخها.
ولدى الأميركيين والإسرائيليين، إن رغبوا، القدرة على تدمير منظومة صناعتها العسكرية للصواريخ والمسيرات. مواقعها مكشوفة ويمكن الوصول إليها، بخلاف مشروعها النووي، محمي بترسانة ومخبأ بعمق ثمانية أمتار تحت الأرض وبغطاء إسمنتي من مترين ونصف المتر.
السؤال ليس في القدرة العسكرية بل في الرغبة والعزيمة، هل يغامر الأميركيون بحرب مع إيران وهم الذين انسحبوا قبل 24 شهراً من أفغانستان؟ لأن الولايات المتحدة تعتبر حرب أوكرانيا تمسّ أمنها مباشرة، وتتحدى حلف الناتو الذي تقوده، تبدو مستعدة لمواجهات مع نظام طهران. يمكن أن نقول إنها المرة الأولى التي نشعر باستعدادها من خلال استعراضها لقواتها، بزيادة وجودها العسكري ومناوراتها مع إسرائيل وقصفها مصانع عسكرية إيرانية، وإن لم تتبنه رسمياً.
هذا يدفعنا للسؤال الأخير، هل سيسهّل استهداف إيران الأمر علينا أم أنه سيعقّد الوضع؟ إضعاف النظام، بالتأكيد، خبر سعيد للمنطقة، ودول مثل أوكرانيا وأذربيجان. إنما لا يمكننا المراهنة على ذلك. طهران قادرة على تغيير المعادلة بمساومة واشنطن بالتوقف عن إمداد المقاتلين الروس بأسلحتها مقابل إحياء الاتفاق الشامل وفق توقعاتها. هنا تصبح المعادلة مختلفة. فالغرب يريد محاصرة روسيا لا إيران بالضرورة.
ومع هذا، طهران تضعف مع الوقت وكثرة الحروب. لم تعد في مركز قوة لفرض شروطها مع التململ الداخلي، وهرم قيادتها، واستمرار العقوبات الاقتصادية عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استهداف إيران مثير ومفاجئ استهداف إيران مثير ومفاجئ



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد
المغرب اليوم - رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد

GMT 02:13 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة المنتخب المغربي لمواجهة الغابون وليسوتو

GMT 01:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونيخ يسحق رازن في ختام رائع لعام 2024

GMT 01:27 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة وأتلتيكو يستعدان لحسم معركة القمة

GMT 01:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يعيد سكة الانتصارات بهدف تيجاني

GMT 01:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يخوض منعطفاً صعباً في حملته أمام توتنهام

GMT 03:37 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أتلتيكو مدريد يراهن على الفوز بلقب الدوري الإسباني

GMT 02:13 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

السوبر الألماني يحمل اسم فرانتس بكنباور بدءاً من 2025

GMT 03:32 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

هانزي فليك يكشف الحقيقة المرة لجماهير برشلونة

GMT 02:46 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

مرسيدس تكشف النقاب عن سيارتها الجديدة SL 2021

GMT 03:32 2019 السبت ,13 إبريل / نيسان

جولة داخل أول مسجد عائم في البحر الأحمر

GMT 09:41 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

نصائح تساعد على حماية خصوصية الحياة الزوجية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib