من يستخدم طالبان

من يستخدم طالبان؟

المغرب اليوم -

من يستخدم طالبان

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أكثر من مائتين وثمانين شخصاً راحوا بين قتيل وجريح في العاصمة الأفغانية عندما قام انتحاري باستخدام سيارة إسعاف محملة بالمتفجرات، في واحدة من سلسلة أعمال إرهابية زادت في الآونة الأخيرة، من تنفيذ تنظيم طالبان. هذه الأحداث الكبيرة ستدفع الخلافات الإقليمية في محيط أفغانستان إلى مرحلة تأزم أكبر خاصة ضد باكستان. وهي تزداد سوءاً حيث أعلنت الولايات المتحدة لأول مرة في تاريخها علاقات البلدين إجراءات عقابية ضد حليفتها إسلام آباد.
فهل هناك من يستخدم أفغانستان والإرهاب في منطقة شبه القارة الهندية، كما تم استخدامه في العراق وسوريا قبل ذلك؟
لطالما انتشرت شائعات واتهامات إعلامية بأن باكستان هي خلف طالبان، ولا أحد يستطيع أن يثبت هذه العلاقة، على الأقل على المستوى الإعلامي والأكاديمي. والخسائر الأميركية الكبيرة في أفغانستان وانتشار العنف في باكستان أفسد العلاقة بين إسلام آباد وواشنطن ووصل مرحلة انقلبت فيها العلاقة التاريخية بين البلدين. فالولايات المتحدة كانت تعتبر باكستان حليفاً استراتيجياً لأكثر من أربعة عقود، خاصة في فترة الحرب الباردة. وكانت واشنطن من أكثر الدول التي ساندت باكستان بعد استقلالها عن الهند.
يبدو أن الأيام السعيدة وصلت إلى نهايتها، والوضع السياسي الداخلي في باكستان لا يزال في حال بائسة منذ تراكمات الانقلاب على نواز شريف، ثم واغتيال بي نظير بوتو، وجميعها رافقت الفوضى الأفغانية التي تؤثر وتتأثر بباكستان. ولا أريد أن أقفز في غياب الحقائق المثبتة وأتهم إيران بأنها لاعب رئيسي هناك، إنما الكثير من الشواهد تدل عليها. فوجودها الأمني والدعائي قوي في أفغانستان، وهي أيضا ازدادت حضوراً ونفوذاً داخل باكستان. والكثير يقال عن علاقتها مع طالبان التي تشبه علاقتها بتنظيم «القاعدة» التي لا يزال أبرز زعمائها يعيشون داخل إيران. كما لا ننسى اعترافات الإيرانيين أنه كان لهم دور كبير فيما سمي وقتها المقاومة العراقية الجهادية ضد الغزو الأميركي للعراق، واتضح لاحقاً علاقة الحرس الثوري بالجماعات الإرهابية في سوريا ضمن معادلة الصراع المعقدة هناك.
باكستان تتسبب في محاصرة نفسها بعدم اتخاذها ما يكفي بما يطمئن المجتمع الدولي أنها تحارب طالبان التي أصبحت أكثر عنفاً وخطورة من تنظيم «القاعدة» و«داعش». وهذا لا ينفي حقيقة أن باكستان، بعد أفغانستان، من أكثر الدول المتضررة من الجماعات الإرهابية. وأن الاتهامات الموجهة إليها من غريمتها الهند بدعم الجماعات الإسلامية المسلحة، أو الانفصالية أيضاً، يجعل وضعها أكثر صعوبة.
كنا نعرف أن محاولات قطر احتواء طالبان ستفشل، لأن أسلوب الدوحة في إدارة العلاقات مع الجماعات المتطرفة مثل «حزب الله» في لبنان، وحماس في غزة، وحتى جبهة النصرة في سوريا، دائماً يرتكز على أسلوب شراء مواقف سياسية مؤقتة بمبالغ مالية ضخمة. لكن قدرة الدوحة على تغيير الوضع في عقد صفقات دائمة أو تغيير أسلوب هذه التنظيمات فاشل دائماً. وهي قفزت إلى التواصل مع طالبان حينما سمعت عن تحركات أميركية للتفاوض مع التنظيم الأفغاني. وبادرت إلى فتح مكتب له في الدوحة، وأغرقته بالأموال لاعتماد قطر وسيطاً بين التنظيم وواشنطن. النتيجة أن قطر نجحت في الإفراج عن رهائن غربيين عند طالبان، كما فعلت من قبل مع جبهة النصرة، مقابل فدى مالية مبالغ فيها جداً تبدو مثل غسل الأموال! ومن الطبيعي أن المفاوضات السياسية لاحقاً انتهت بالفشل.
لا يمكن إنكار حقيقة أن «طالبان» تنظيم إرهابي، وهذا لا يغفل أهمية علاقاته القبلية والمناطقية في أفغانستان. وتبقى باكستان أكثر دولة مؤهلة لمعالجة هذا الوضع سواء بالقوة أو بالحلول السياسية أو كليهما. وهذه الفرصة الوحيدة لباكستان حتى تخرج من الوضع السيئ الذي وصلت إليه اليوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يستخدم طالبان من يستخدم طالبان



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة

GMT 08:05 2022 الأحد ,20 آذار/ مارس

مطاعم لندن تتحدى الأزمات بالرومانسية

GMT 15:13 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

شاب يذبح والدته ويلقيها عارية ويثير ضجة كبيرة في مصر

GMT 12:02 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تعرفي علي اطلالات أزياء أمازيغية من الفنانات مغربيات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib