بقلم : عبد الرحمن الراشد
من شرق حلب إلى جنوب الرقة المدن والأرياف تخضع تباعا لقوات نظام الأسد وميليشيات إيران، على وقع قصف الطائرات الروسية، وصواريخها من بوارجها في البحر المتوسط. المعارضة السورية، أو ما تبقى منها، تقاتل ببسالة في ظروف صعبة تكالبت عليها القوات الإيرانية، والميليشيات الموالية لها مع قوات النظام، ومن دون إسناد يذكر للمعارضة منذ غلق الممرات التركية والأردنية.
والوضع السوري في أسوأ حالاته، حيث لم تدم طويلاً الوقفة الأميركية المبهرة أمام معسكر موسكو في سوريا، كما أن للرئيس الفرنسي الجديد أسوأ موقف صدر عن باريس منذ بداية الحرب السورية، يضاف إلى نشاط مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي كان دائما سلبياً في حق السوريين وخاصة في تعريفه لمن يمثل المعارضة.
لقد نجح الإيرانيون والروس في تحويل قضية الشعب السوري إلى معركة ضد الإرهاب الدولي، مستفيدين من أخطاء حلفاء الثورة السورية، مثل قطر التي كعادتها لم تقدر الأمور ولا عواقب أفعالها. فمعظم القوى السورية المقاتلة لا علاقة لها بالجماعات الإرهابية، ولا بالتطرف إنما كان كافيا وجود هذه الجماعات على الأرض، وبروزها إعلامياً، حتى تصبح فزاعة للعالم على حساب الشعب السوري وقضيته.
ورغم هذا المناخ القاتم، لا تزال قوات النظام السوري، وقيادات إيران العسكرية، وميليشياتها المختلفة الجنسيات، غير قادرة على إخضاع معظم سوريا، ولا قادرة على ضمان أمن المناطق التي استولت عليها. لكن إيران يهمها في هذه المرحلة تأمين المناطق الاستراتيجية لها بالدرجة الأولى أكثر مما يهمها رفع علم النظام على كل المناطق، لهذا هي تحارب في مناطق النفط جنوب الرقة، وتستعين بالميليشيات العراقية مع اللبنانية لتأمين المعابر البرية السورية مع محافظات الغرب العراقي لتأمين السيطرة على العراق، وضمان الدرب الطويل من حدود إيران جنوب العراق إلى لبنان. وخصصت إيران جزءا من تركيزها في استهداف درعا باتجاه الحدود الأردنية معتقدة أن هناك مشروعا للمعارضة السورية، بدعم أميركي، للزحف نحو دمشق لاحقا وفرض شروط من بينها إبعاد يشار الأسد من الحكم.
محافظة درعا كانت ساحة حرب كبيرة، كانت المقاومة السورية قد كسبتها في ظروف فاجأت ثلاثي دمشق، ومنيت فيها ميليشيات إيران بخسائر كبيرة.
إنما التبدلات السياسية الأخيرة باعت تلك الانتصارات، فالموقف الأميركي الأخير تراجع أمام مطالب الروس وحلفائهم، رغم أن الدعم العسكري الأميركي كان الأفضل في السنوات الست الماضية لولا أن السياسيين خذلوا العسكريين في التفاهمات الأخيرة.
ومع التراجع الأميركي الجديد، والموقف الفرنسي السلبي، والاشتباك الخليجي، والتقارب التركي مع موسكو فإن المعارضة السورية أمام وضع فريد في صعوباته. والمراهنة المتبقية هي على أن نظام سوريا لا يملك وسائل السيطرة وإدارة المناطق التي يستولي عليها، واستمراره في الاستعانة بالإيرانيين و«حزب الله» والميليشيات العراقية، وكذلك الروس، سيذكي الرفض السوري ويحرض عليه محليا وإقليميا.