ترمب في مواجهة نظام طهران

ترمب في مواجهة نظام طهران

المغرب اليوم -

ترمب في مواجهة نظام طهران

بقلم - عبد الرحمن الراشد

ننتظر، والعالم أيضاً يترقب، نتائج قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مواجهة إيران بعد أن أعلن أمس إعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران. اعتبر أن إيران خرقت روح الاتفاق، وأنه ليس في مصلحة أمن الولايات المتحدة ولا بد من تعديله. وقد سارعت السعودية والإمارات بشجاعة إلى مساندة القرار الأميركي لأنه يَصب في مصلحة المنطقة ويرسل رسالة سياسية لإيران أخيراً أن عليها أن تتوقف عن معاركها وتهديداتها. والقرار أيضاً في صالح قوى الاعتدال داخل إيران، عسى أن يلجم الجماعات المتطرفة في الحكم.
القرار الأميركي شجاع لم نرَ مثله منذ عقدين ويمكن أن يكون بداية تصحيح إقليمية أو على الأقل وقف الزحف الإيراني. بقراره يصحح الرئيس ترمب مجموعة أخطاء اعتبرتها إيران موافقات ضمنية بأن تتمدد وتهدد أمن المنطقة ومصالح الولايات المتحدة أيضاً، في البحرين والعراق واليمن وسوريا ولبنان. وهي ظنت أن التراجع الدولي في سوريا لها ولحزب الله علامة انتصار جديدة، كما حاولت الاستفادة من الحرب الأميركية مع التحالف ضد «داعش» الإرهابية على أنه يمنحها كل بلاد الرافدين.
ترمب ليس متعجلاً كما يقال، لا تنسوا أنه سبق له أن صبر على إيران، ووقّع على استمرار الاتفاق مرتين، حيث يفترض أن يراجعه كل ثلاثة أشهر. إلا أن إيران لم تُبْدِ أي تعاون مع واشنطن، سواء في وقف نشاطاتها العسكرية في المنطقة ولا في الامتناع عن تجاربها العسكرية، بل تحدتها وأعلنت عن تطويرها منظومة الصواريخ الباليستية. هذه المرة حسم أمره، ويوجه بذلك أكبر ضربة للجناح المتطرف في إيران. به يعيد الاتفاق للتصويت عليه في الكونغرس، ثم يعيد فرض العقوبات الاقتصادية الموجعة، ولتفعل حكومة طهران ما تشاء.
بقية الدول الغربية ضد قرار ترمب؛ تريد أن يستمر الاتفاق بحجة أنها تخشى أن تعود إيران إلى تخصيب اليورانيوم وتطوير قوتها العسكرية. في الواقع ما يطرحه الرئيس ترمب صحيح، فهو يشتكي من أن الاتفاق لا يمنع إيران من مشروعها النووي العسكري بل يؤجله فقط. ففي فترة الحظر المؤقتة على التخصيب يسمح لها ببناء تجهيزاتها العسكرية، مثل الصواريخ الناقلة للرؤوس النووية.
لا نقلل من خطورة قرار ترمب ولا من مضاعفاته على المنطقة. فإن مزق الرئيس الأميركي الاتفاق بشكل كامل وواجه إيران، فقد يفتتح مرحلة أوسع من المواجهة.
وليس صحيحاً ما يُتهم به الرئيس ترمب، من أنه داعية حرب متهور، يقرر بلا تقدير للعواقب حيال قضايا عالمية خطيرة مثل إيران وكوريا الشمالية. الحقيقة أنه منح حكام طهران فرصتين منذ توليه الرئاسة للتفاعل إيجابياً بشأن الاتفاق لكنهم في المقابل لم يقابلوه في منتصف الطريق. أيضاً، لا ننسى أن أعضاء حزبه، الحزب الجمهوري، في الكونغرس على إجماع ضد الاتفاق حتى قبل أن يصل ترمب إلى الرئاسة. ومن الواضح أن طهران استسهلت ترمب، بعد أن عاشت ثماني سنوات مريحة خلال رئاسة سلفه باراك أوباما، الذي ترك لها الحبل على الغارب.
لا توجد مصلحة للعالم في ترك الحرس الثوري الإيراني يعربد في المنطقة، ويقود حرب الميليشيات في سوريا والعراق ولبنان واليمن. بانتهاء فترة الحظر المؤقتة وفق الاتفاق، ستكون إيران قد تمددت في المنطقة ونصبت حكومات عميلة لها، ولن يستطيع الغرب حينها فرض عقوبات ولا منعها من التخصيب، وتكون قد أنهت بناء منظومة الدعم من منصات ومختبرات ومخابئ وغيرها. مشروع إيران توسعي وهيمنة على المنطقة، وليس مجرد بناء قدراتها النووية لأغراض دفاعية. فالهند وباكستان، مثلاً، تملكان سلاحاً نووياً ضمن توازن القوتين في جنوب آسيا، ومنذ ذلك اليوم لم يحدث قط أن رأينا البلدين يسعيان للتمدد ولا خوض الحروب. ومن الخطأ قراءة مشروع إيران النووي على أنه مجرد رغبة للحاق بركب نادي الدول النووية. فإيران، يومياً، في معارك عسكرية مدمرة في المنطقة، ليس بينها حاجة دفاعية لها، بل كلها نشاطات توسعية.
وتتضح نوايا طهران وإصرارها على تحديها للعالم من معالجتها الخلاف الحالي مع واشنطن. تنازلت الإدارة الأميركية لها في سوريا، ورضيت بالإبقاء على نظام حليفها بشار الأسد، مع هذا لم تُبْدِ طهران أي تراجع في أي مكان آخر تخوض فيه حروبها، ولم تعطِ ترمب أي تنازلات في الاتفاق النووي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب في مواجهة نظام طهران ترمب في مواجهة نظام طهران



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:09 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

مستحضرات تجميل تساعدك في تكبير شفتيك خلال دقائق

GMT 03:29 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

ديكورات ثلاجات يُمكن أن تستوحي منها إطلالة مطبخك

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات الصادق توضح كيفية التعامل مع أهل الزوج

GMT 00:10 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

التشكيلي رشيد بنعبد الله يحتفي بالفرس في معرض فردي

GMT 07:30 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مصممة تضفي لمسة جمالية على منزل قديم في إنجلترا

GMT 05:49 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

تعرفي على أحدث تصاميم "الحنة البيضاء"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib