هل إحنا فاهمين «النبى» غلط

هل إحنا فاهمين «النبى» غلط؟

المغرب اليوم -

هل إحنا فاهمين «النبى» غلط

معتز بالله عبد الفتاح


اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين.

سؤال: هل كل ما صدر عن النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، يقع فى باب التشريع الإلهى وبالتالى مقدس وملزم لنا؟ أم أنه قام بمهام وأدوار متعددة كان فيها رئيس الدولة وقائد الجيش؟

يعنى، مثلاً، القرآن الكريم يتحدث عن حرية تكاد تكون مطلقة فى العقيدة: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، والتساؤل الموجه للنبى الكريم، عليه الصلاة والسلامة: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».

ولهذا كان التوجيه واضحاً: «فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر، إلا من تولى وكفر، فيعذبه الله العذاب الأكبر».

طيب.. لماذا يأتى الحديث المتواتر (أى المروى بأكثر من طريق يصعب أن تكون جميعها كذباً أو مصادفة) عن الرسول (عليه الصلاة والسلام) الذى يقول فيه: «من بدل دينه فاقتلوه»، وحديث آخر يتحدث عن «المبدل لدينه المفارق للجماعة».

هناك أكثر من مدرسة فقهية فى التعامل مع هذا الأمر.

هناك من يرون أن الحديث نسخ القرآن الكريم، فظلت الألفاظ التى تتحدث عن حرية التدين فى القرآن نتلوها، ولكن حكم حرية التدين لم يعد قائماً. وبالتالى، عند هؤلاء، اللى ما يدخلش الإسلام نطلع عين أهله لغاية ما يسلم، وبعد ما يسلم نطلع عين أهله لو فكر يغير دينه.

وهناك من يرى أن الحديث، أى حديث، لا حجية له إذا تعارض مع القرآن الكريم. وبالتالى كل ما ينسب للرسول الكريم من أحاديث زى دى أقرب إلى حواديت وأساطير يمكن تجاهلها عادى جداً وكأن شيئاً لم يحدث.

أزعم أن المسألة لا هذه ولا تلك. القرآن الكريم هو الأصل، وهذا هو الحكم الشرعى الثابت الذى أبلغنا به نبينا، عليه الصلاة والسلام، عن الله سبحانه وتعالى. لكن رسولنا كان رئيساً للجمهورية الإسلامية الناشئة وأصدر أحكاماً هى أقرب إلى قرارات جمهورية ليست بالضرورة من صلب التشريع الإسلامى لتنظيم شئون الدولة بعد أن وجد أن هناك من «تعسف فى استخدام الحق» فى حرية العقيدة.

لا أتخيل -عقلاً- أن أمراً بهذه الأهمية مثل قضية العقيدة لا ينزل نص قرآنى واضح وثابت ينسخ المائة وعشرين آية التى تتحدث عن حرية العقيدة.

وهكذا هناك أبواب كثيرة من السياسة الشرعية يكون النص القرآنى فيها ثابتاً وواضحاً لكن يكون القرار السياسى والإدارى من رأس الدولة يخالفه.

أريد أن أفتح باباً للشك المنهجى الثابت تاريخياً عند أبوحامد الغزالى وعند رينيه ديكارت الذى تحدث عنه الدكتور محمد عثمان الخشت فى مقاله أمس فى «الوطن» بقوله: «الشك المنهجى هو سنة أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ولولاه ما وصل إلى الحقيقة، عندما شك فى عقائد قومه فى الأوثان والكواكب والنجوم، وفق مراحل فى «الاستدلال العقلى» ذكرتها سورة الأنعام: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّى فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّى فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبِّى لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّى هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ. إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِى لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 76-79).

هذا «الشك المنهجى» الذى يتخذ من الشك العقلى منهجاً للوصول إلى «الحقائق الواضحة والمتميزة»، هو ما قامت عليه الفلسفة الديكارتية التى افتتحت مع فلسفات وحركات علمية وفنية أخرى العصر الحديث التى ودعت فيه أوروبا عالم العصور الوسطى.

هنا رفض إبراهيم (عليه السلام) إسكات عقله، وهناك رفض ديكارت ورفاق عصره إسكات عقولهم. مع إبراهيم بدأ دين جديد يرفض التقليد، ومع ديكارت ورفاق عصره تم الشروع فى تأسيس عصر جديد وخطاب دينى جديد تراجع فيه لاهوت العصور الوسطى الذى كان يحتكر فيه رجال الدين فى أوروبا الحقيقة الواحدة والنهائية».

سؤالى: هل إحنا وضعنا كل ما جاء عن النبى عليه الصلاة والسلام موضع التقديس فى حين أن بعضه ليس كذلك؟

طيب.. ما هذا السؤال بذاته يفتح مساحة لإصلاح دينى حقيقى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل إحنا فاهمين «النبى» غلط هل إحنا فاهمين «النبى» غلط



GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

GMT 05:01 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 04:33 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 04:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الساعات الأربع!

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 06:17 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 06:27 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib