جاء على موقع العربية نت ما يلى: «جدل جديد أثارته المطربة شيرين عبدالوهاب، من خلال صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى، فيس بوك، وذلك بعدما قامت بنشر صورتين لها، وهى تبكى، قبل أن تقوم بحذفهما من على الصفحة.
القصة بدأت بصورة لشيرين بنصف وجهها ويظهر عليها البكاء، علقت عليها، قائلة: «أيوه أنا حزينة مش حاسة بالأمان، أنا آسفة بس قلبى حزين قوى، يا رب».
ثم أتبعتها شيرين بصورة أخرى، وهى تبكى وعلقت عليها قائلة لجمهورها: «أنا آسفة بس محتاجاكم قوى»، ليبدأ الجمهور فى التعليق على الصورتين.
الغريب أن التعليقات الخاصة بالجمهور انقسمت بين فريقين أحدهما أخذ يسخر من شيرين، وصورتها بدون مكياج، والفريق الثانى كان يحاول تهدئة شيرين وظهر متعاطفاً معها.
إلا أن الأمور لم تستمر طويلاً، قبل أن تقوم شيرين بحذف الصورتين دون أن توضح السبب فى نشرهما أو حذفهما، لتقوم بعدها بنشر صورة لها وهى فى كامل أناقتها، وعلقت عليها قائلة: «بحبكوا».
انتهى الخبر، وهذا تعليقى عليه:
«شيرين» عبرت عن موقف شخصى، ولكنها فتحت باباً لمناقشة قضية هامة وهى قضية الـvulnerability، وهو مصطلح يستخدم فى العلوم الاجتماعية ويترجم بالعربية إلى: «القابلية للضعف، عرضة للأذى، معرض للسقوط، القابلية للإصابة»، وهى كلها تحمل نفس المعنى: أن يصل الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، كبيراً كان أو صغيراً، إلى حالة من الإحساس المؤقت بالضعف تجعله يشعر بالضبط بما كتبته هى على صفحتها: «حزينة، مش حاسة بالأمان، قلبى حزين أوى، محتاجاكم»، بعبارة أخرى، أن تصبح مناعتنا الشخصية ضعيفة مؤقتاً لدرجة أن نتأثر سلباً بما يحدث حولنا.
ككل شىء فى الكون، يمكن أن نحول الشر إلى خير إن أحسنّا التعامل معه؛ فهناك من يظن أن إظهار الضعف ضعف.
والحقيقة أن إظهار الضعف، وقت الضعف، قوة لأنه صراحة مع الذات، وتصالح مع النفس، وصدق مع الآخرين، وهو نقطة البداية فى التخلص من أسباب الضعف ورفع المناعة الشخصية ضد من يتسببون فى ضعفنا.
الطبيعى أن تكون طبيعياً (genuine) تظهر ما تؤمن به، وتعبر عنه بصراحة وبكبرياء مستعداً لتحمل النتائج.
هذه هى قوة الشخصية الحقيقية. أنا قوى بقدر ما أنا قادر على مواجهة ضعفى وعدم الخجل منه والاستعداد للتصريح به ومناقشته مع العقلاء والأصدقاء أو حتى الغرباء.
أنا قوى بقدر ما أنا مدرك لعيوبى ومشاكلى ونقاط ضعف، معترف بها، مستعد لمواجهتها، وراغب فى بذل الجهد للتخلص منها.
نحن مجتمع اعتاد الكثيرون فيه الادعاء. يكون المرء جاهلاً ويريد أن يظهر بمظهر العالم، يكون المرء ضعيفاً ويريد أن يظهر بمظهر القوى. يكون المرء مخطئاً ويريد أن يظهر بمظهر القديس.
أسلحة الخداع الاستراتيجى التى تأتى على ألسنتنا فى صورة بطولات زائفة وقصص متوهمة تجعلنا نعيش للحظات فى نشوة نفسية مؤقتة تنتهى بسرعة لنقع فى حبائل الضعف والهشاشة النفسية مرة أخرى.
هذا هو الموضوع الأكبر، أما الجزء الخاص بـ«شيرين»، فأقول لها: لا مشكلة على الإطلاق فى أن نحزن أو نضعف أو نشعر بما شعرتِ به.
كلنا ضعفاء، لكن فى حالة إنكار. قال تعالى: «وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفاً».
كلنا يمر بهذه الأوقات، والحكمة تقتضى منا أن نبحث عن المساعدة عند من نظن قدرتهم على المساعدة، ولا مشكلة فى أن نعلن ضعفنا على الملء إن ظننا أن هذا الإعلان سيساعدنا على أن نكون أكثر صدقاً مع الذات وتصالحاً مع النفس.
وكل من لا يساعدنا أو يتعاطف معنا، فلا ينبغى أن يكون فى دائرة اهتمامنا.
إن كنت أزلتِ صورك، لأنك تعافيتِ ولو مؤقتاً، فهذا مفهوم تماماً.
ولكن إن كنت أزلتِها لضغوط المجتمع أو بعض الأشخاص حولك، فهذا يعنى أنك لم تتعافى، وإنما قررتِ أن تغطى ضعفك بواجهة اجتماعية زائفة.
إلى كل إنسان، رجلاً كان أو امرأة، كن حقيقياً، تكن قوياً. كن زائفاً، تكن ضعيفاً، حتى إن بدا منك غير ذلك.