معتز بالله عبد الفتاح
«قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ»، بفضلها يا رب لا تكلنا إلى أحد، وأغننا يا رب عن كل أحد، يا من إليه المستند، وعليه المعتمد، خالق البشر فرد صمد، مُنَزَّه فى مُلكه ليس له شريكٌ ولا ولد، ورزقه مُيسَّر يجرى على طول المدد، يا إلهنا خُذْ بأيدينا من الضلال إلى الرشد، ونجِّنا من كل ضيق ونكد، يا إله الفضل بحق «اللهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد».
يا رب، سبحانك ولا تُقال إلا لك، نؤمن بحكمتك، ولا نجرؤ على ادعاء فهم كل مُرادك. يا ربَّ البشر، سبحانك ولا تُقال إلا لك، قُلتَ إنك لا تغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. يا رب، عجزنا عن أن نغير ما بأنفسنا، ووقعنا فى شرَك خداع الذات، بالغنا فى المظهر وضاع منا الجوهر، قرأنا حروف القرآن وضيعنا حدوده. يا رب، بلغت القلوب الحناجر وأيقنَّا ألا ملجأ منك إلا لك ولا من أنفسنا إلا بالعودة إليك.
يا رب، أجريت على ألسنتنا أن ندعوك بأن يلى أمورَنا خيارُنا ولكننا ضللنا الطريق فما عرفنا كيف نُتْبعُ الدعاءَ العمل. يا رب، عَلمنا ولم نلزم، وقلنا ولم نَصدُق، وها نحن نعترف بذنوبنا لك. يا رب، لقد بلَّغ نبيُّك الرسالةَ ونحن نشهد، وأدى الأمانةَ ونحن نقرُّ، وما فقهنا ونحن نعترف.
يا رب، سبحانك ولا تُقال إلا لك، قول رسولك صدق، حذَّرَنا من أن تتداعى علينا الأممُ يوم نكون كثيرين ولكننا بلا قيادة وبلا وحدة كغثاء السيل نتجادل فى أين «حبل الله» كى نعتصم به. ربنا واحد، وبلدنا واحد، ودمنا واحد ومع ذلك عدنا إلى خلُق الجاهلية يضرب بعضنا رقاب بعض، وما تعلَّمنا أن أعداءَنا اتحدوا ضدنا كالجسد الواحد إن اشتكى منهم عضو تداعى له سائر جسدهم بالسهر والحمى، أما نحن فقد أدخلنا أبرهةَ فى كعبتنا وأَذَّنَّا للكعبةِ ربٌّ، نحن نفوسٌ حقَّ عليها السيفُ وحق الضربُ وتزدهرُ فيها الأمراضُ ويمرضُ فيها الطبُّ، لا ذنبَ لنا، لا ذنبَ لنا، نحن الذنبُ (من قصيدة لأحمد مطر).
يا رب، «لا تجعلنا فتنة للذين كفروا»، أى لا تجعلنا دليلاً يتخذه أعداؤك على صدق كفرهم وكذب الإيمان بك. يا رب، لقد أصبحنا فى هذه الفتنة فأخرجنا منها إنا عاجزون.
يا رب، لقد قلتَ وقولك الحق: «ليس لها من دون الله كاشفة». اللهم ارحم ضعفنا واستر عوراتنا وثبتنا واجعل صراطك المستقيم نوراً لنا فى حياتنا وفى قراراتنا وفى سكناتنا. اللهُمَّ يا لطيف الطف بعبادك، اللهُمَّ يا ستار استر عوراتنا، اللهُمَّ يا رحمن آمن روعاتنا، اللهُمَّ يا رحيم ارحم زلاتنا، يا غيّاث المُغيثين أغثنا، إليك لجأنا وبك استجرنا وإليك أنبنا وعليك توكلنا، لا ملجأ منك إلّا إليك، إلى مَنْ تَكِلُنا؟ أنت ربُّ المستضعفين وأنت ربُّنا، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالى، يا ربَّنا لك العُتبى حتى ترضى. اللهُمَّ اهدِنا لِما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحقِّ إِنَّكَ تهْدى مَنْ تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيم، اللهُمَّ أرِنا الحَقَّ حقَّاً وارزُقْنا اتِّباعه وأرِنا البَاطِلَ باطِلاً وارزُقْنا اجتِنابَهُ واجعلنا يا مَولانا مِنَ الرَّاشِدين.
يا ربَّ العالمين، يا رب الأكوان، يا صاحب الفضل والمنَّة، لا نحصى ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفسك، اللهمَّ لا تؤاخذنا بما فعل السفهاءُ مناً، وأحِطنا بعفوك وَجُودك، وولِّ علينا خيارَنا ونجِّنا من سوء أعمالنا.
اللهم إنك قلت وقولك الحق «ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور»، اللهم أَنِرْ بصيرتنا وبصائرنا، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وانشر على ربوع بلدنا الخير والعدل والسلام والأمان.
اللهمَّ يا خالق الأكوان ومسبِّبَ الأسباب، ومُجرِى السحاب وحافظ الأرض ورافع السماء، ارحم عباداً لك ذلُّوا بين يديك رغبة ورهبة إليك، ارزقنا يا مولانا سلاماً وسكينة وبصيرة تجعلنا نرى الحق ونلتزم به ونرى الباطل ونقف ضده. اللهمَّ ارزقنا لذة عبادتك وسعادة رضاك عنا، وأسبغ علينا السلام والأمان يا مُقلِّبَ القلوب والأبصار، يا مالكَ الملك والملكوت، يا رحمن السماوات والأرض ورحيمهما.
يا ربنا، انقطع الرجاء إلا منك، وزال الأمل إلا بك، ورفعنا أيدى المذلة إليك استغفاراً واسترحاماً واستعطافاً فأسبغ علينا يا مولانا من جميل لطفك وواضح عونك وواسع رحمتك ومغفرتك ونَجِّ بلدنى مما يحيق به ويُدبَّرُ له.
ربَّنا، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، لجأنا إليك واستجرنا بك فاقبلنا يا مولانا ونجِّنا وأجرنا، أنت القوى ونحن الضعفاء إليك، فأسبغ علينا من فضلك وعفوك ورحمتك ما ترضى به عنا فنرضى، وصلِّ اللهم على الحبيب وسلم تسليماً كثيراً. اللهم يا مؤلِّفَ القلوب ألِّفْ بين قلوبنا، ويا مُدبِّرَ الأمور دبِّرْ لنا، ويا عالم الأسرار يسِّرْ لنا غيبنا، ويا خالق الأكوان وحِّدْ قلوبنا على الحق والخير والسلام، وصلِّ اللهمَّ وسلم على الحبيب وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم يا ربَّ الناس أذهب البأس وألبسنا لباس الرحمة وأفرغ علينا صبراً واكتب لنا أجر الصابرين، وصلِّ اللهمَّ على الحبيب صلى الله عليه وسلم، صلاة تفكُّ بها كربَنا، وتزيل بها عنا همومنا، وتمسح بها أدران قلوبنا.
اللهمَّ يا ربَّ السموات والأرض، يا ودودُ يا حليمُ يا لطيفُ، لجأنا إليك وكلُّنا ذنوب نعترف بها ونستغفر لك منها. لجأنا إليك ولم نعبدك حق عبادتك ولم نشكرك حق شكرك. فمَن لنا غيرُك نلجأ إليه ونطمئنُّ به؟ فارفع عنا يا مولانا ما أمرضنا وما أهمنا وما ألهانا، وأعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم يا مدبِّرَ الأمور دبِّرْ لنا أمورنا، واهدنا سبلَنا، وقوِّ عزائمَنا واجعلنا ممن يفقهون فيعملون وممن يعملون فيحسنون وممن يحسنون فيرتقون.
اللهم لا تجعلنا ممن قلتَ فيهم: «وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزَّق إن فى ذلك لآيات لكل صبَّار شكور».
اللهم نَجِّ بلدنا من سوء أخلاقنا وسوء تقديرنا، اللهم نجِّنا من شرور أنفسنا، اللهم اعصم دماءنا منا، اللهم لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. آمين.
نقلًا عن جريدة "الوطن"