معتز بالله عبد الفتاح
مصر على مفترق طرق.. وكل الاحتمالات نظريا لا بد أن تطرح ونستبعد منها كل ما يبدو غير منطقى.
من الذى سيكون رئيسا لمصر خلال الأسابيع المقبلة؟ هناك ثمانية احتمالات كبرى.
أولا: أن يظل الدكتور مرسى رئيسا للجمهورية بصلاحياته الدستورية كاملة، وهو ما يعنى تراجع معارضيه عن التصعيد ضده، وهو ما يبدو لى مستبعدا فى ظل الاحتقان الكائن فى الشارع.
ثانيا: على أقصى النقيض يكون هناك انقلاب عسكرى صريح يتم به وصول شخصية عسكرية إلى السلطة بعد تعطيل الدستور وإقصاء الرئيس، وهو بديل أستبعده كذلك، ما لم يحدث تحول دراماتيكى فى الأمور. وأظن أنه فى يوم الناس هذا، لا يوجد فى المؤسسة العسكرية من يريد أن يسير فى هذا الاتجاه؛ لأنه يعنى مخاطر شديدة على الجميع.
ثالثا: أن يتوصل الأطراف إلى صيغة للاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة، سواء أثناء الانتخابات البرلمانية أو قبلها.
رابعا: أن يعلن رئيس الجمهورية استقالته استشعارا منه للحرج، كما جاء فى هذا المكان من قبل، وفقا لشعار: «استقل تسلم»، وفى هذه الحالة يكون رئيس المحكمة الدستورية العليا هو الرئيس المؤقت للبلاد لحين انتخابات جديدة خلال 90 يوما.
خامسا: مجلس رئاسى من خمسة مصريين أو أقل، كما يطالب البعض، وهذا قطعا لن يحدث إلا إذا ذهبت الأمور فى اتجاه الفوضى الشاملة أولا.
سادسا: أن يقبل الرئيس بأن يتم تغيير الحكومة وأن تصبح لها الصلاحيات الواسعة المنصوص عليها فى الدستور حتى دون تشكيل مجلس نواب، ويكون الرئيس فى منصب شبه شرفى فيما يتعلق بالشئون الداخلية. وهنا يتوقف مجلس الشورى عن إشعال الموقف بمناقشة مشروعات قوانين ليست محل توافق مجتمعى، سواء الخاصة بالقضاء أو الإعلام أو التعليم.
سابعا: أن يدخل الأطراف فى صراع مسلح أقرب إلى حرب أهلية.
ثامنا: أن يتحرك ممثلو مؤسسات الدولة الوطنية غير الحزبية: شيخ الأزهر، بابا الكنيسة، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، القائد العام للقوات المسلحة، بالتنسيق مع مؤسسة الرئاسة، لمناقشة خمس قضايا أساسية:
أولا: إعلان ثم قبول استقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية غير حزبية وتعيين الدكتور هشام قنديل مستشارا لرئيس الجمهورية.
ثانيا: حث المحكمة الدستورية العليا على سرعة مراجعة قانون مجلس النواب المرسل إليها من مجلس الشورى لضمان تمريره وفقا لقواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص؛ بحيث تكون الانتخابات فى نوفمبر المقبل بحد أقصى، وتحت إشراف قضائى كامل، وبتوسيع تام لحق المتابعة على الانتخابات من مؤسسات المجتمع المدنى الداخلية والخارجية.
ثالثا: إعلان قبول حكم محكمة النقض بشأن النائب العام، وأن يقوم المجلس الأعلى للقضاء بترشيح نائب عام جديد، يقوم رئيس الجمهورية بإصدار قرار تعيينه.
رابعا: تشكيل لجنة من الممثلين عن القوى السياسية المختلفة ومن فقهاء القانون الدستورى لمراجعة مواد الدستور الخلافية، بما فيها المادة الخاصة باستمرار رئيس الجمهورية الحالى فى منصبه (المادة 226). ولا توجد مشكلة فى ذلك، فلا ننسى أن الدستور أقر فى مارس 1789، ثم اقترح الكونجرس وثيقة الحقوق المدنية فى سبتمبر 1789، وتم إقرارها فى 15 ديسمبر 1791، بمصادقة الهيئات التشريعية لمختلف الولايات وفقاً للمادة الخامسة من الدستور. بما يعنى أن أول عشرة تعديلات على الدستور الأمريكى قدمت خلال ستة أشهر من إقرار الدستور من أجل تحقيق التوافق بين داعمى الاتحاد ومعارضى الاتحاد.
خامسا: لا بد من تفعيل وثيقة الأزهر لنبذ العنف، وهنا يكون الاتفاق على أنه لا للعنف اللفظى ولا للعنف المادى ولا للعنف الدموى، لا لحرق المقرات، لا لحصار المتظاهرين، لا لقمع أصحاب الاحتياجات أو أصحاب الاحتجاجات، ولا للتهييج والإثارة فى أجهزة الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعى.
اللهم نجِّ مصر مما هى فيه.
اللهم نجِّ المصريين مما هم سائرون فيه.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
نقلاً عن جريدة "الوطن"