الأساطير المؤسسة للعقلية المصرية بعد الثورة
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

الأساطير المؤسسة للعقلية المصرية بعد الثورة

المغرب اليوم -

الأساطير المؤسسة للعقلية المصرية بعد الثورة

معتز بالله عبد الفتاح

لكل مجتمع مجموعة من السمات تميّزه، قد تتقاطع أو تتشابه مع السمات الثقافية لمجتمع آخر، ولكن مجموعها وتفاعلها هو ما يجعل هذا المجتمع مختلفاً عن غيره. أكيد فى الثقافة السياسية المصرية الكثير من الصفات الإيجابية، ولكن لا شك كذلك فى أن هناك الكثير من الصفات السلبية التى يمكن أن تفسر لنا الكثير مما يحدث فى شوارعنا من مقدّمات احتراب أهلى وصراع سياسى بين النخبة السياسية التى تبدو متكلسة وغير قادرة على أى فعل سياسى جامع. ويكون من المفيد، على سبيل نقد الذات، أن نقف أمام أنفسنا لنعرف صفاتنا السلبية، عساها تكون مقدّمة للتريُّث قبل اتخاذ قرارات مصيرية مبنية على أساطير دخلت عقولنا وعشّشت فيها وأصبحنا كمن شرب من نهر التعصب والعُصاب والعصبية. هذه الأساطير يمكن تأملها من خلال المحاور التالية. أولاً، أسطورة التمركز حول الذات: وهى أن الإنسان مرجعية نفسه الأخلاقية، وكأن لسان حال أحدنا: «أنا الحق والخير والجمال والعدل والإنسانية والوطنية»، وبالتالى ولو اختلفتَ معى، فأنت ضد الحق، إذن أنت الباطل، أو أنت ضد الخير، إذن أنت مع الشر، أو أنت ضد العدل، إذن أنت الظلم، وأنت ضد الوطنية، إذن أنت خائن وهكذا.. وسؤالى للقارئ الكريم: كم مرة غيّرت رأيك فى أشخاص أو أحداث أو أفكار فى آخر سنة؟ طيب لماذا تُعطى نفسك هذا الحق وتنكره على غيرك؟ والحقيقة أنها صفة قديمة وعربية أكثر منها مصرية ولكنها تتجدد وتنتقل من جيل إلى آخر؛ لأننا نشرب من نفس النهر لقرون طويلة: نهر العصاب والتعصب والعصبية. أتذكر ما الذى كان يقوله معارضو السلام مع إسرائيل من صفات سلبية ونعوت شريرة للرئيس «السادات»، كان أقلها الخيانة والعمالة والتكفير، وظهرت مقولة: «الخيانة ليست وجهة نظر». وبعد سنوات طويلة اكتشفنا أن من كانوا يصفون «السادات» بالخيانة أصبحوا يقدّمون لإسرائيل مبادرة بيروت العربية 2002، وكأن روح «السادات» تبعث من جديد، بعد أن أوسع الحنجوريون الرجل إهانة وشتماً وسباباً، انتهوا إلى ما انتهى إليه مضطرين، وبعد أن أضاعوا على أنفسهم فرصة الاستفادة السياسية من النصر العسكرى. ومن هنا قال الشاعر العراقى أحمد مطر: «الثور فر من حظيرة البقر، الثور فر، فثارت العجول فى الحظيرة، تبكى فرار قائد المسيرة، وشكّلت على الأثر، محكمة ومؤتمر، فقائل قال: قضاء وقدر، وقائل: لقد كفر، وقائل: إلى سقر، وبعضهم قال امنحوه فرصة أخيرة، لعله يعود للحظيرة؛ وفى ختام المؤتمر، تقاسموا مربطه، وجمدوا شعيره، وبعد عام وقعت حادثة مثيرة، لم يرجع الثور، ولكن ذهبت وراءه الحظيرة». وهو ما يذكرنى بأولئك الذين عارضوا تعديل دستور 1971 فى 19 مارس، باعتباره دستوراً ساقطاً وغير قابل «للترقيع»، ليقولوا الآن يا ليته ظل هو الأساس الذى استندنا إليه ولم نقم إلا بتعديل الأبواب الأخيرة منه. ورغماً عن أننى أختلف معهم الآن، بكل احترام، رغماً عن أننى كنت أتبنى نفس الرأى قبل صياغة الدستور الجديد، ولكنهم أضاعوا على أنفسنا وأنفسهم فرصة توافق حقيقى حول دستور 1971، لولا التمركز حول الذات. ثانياً، أسطورة النظرة الاختزالية للأمور المعقّدة: وهى النظرية التى تفضّل الموقف البسيط حتى لو كان خطأ على الموقف المركب حتى لو كان أقرب إلى الصواب، تفضل الموقف الذى يتلخص فى كلمة حتى لو كان جائراً عن الذى يُفصّل فى جملة حتى لو كان أدق. نظرة اختزالية بأكثر مما ينبغى فى ظل مشاهد متداخلة أيما تداخل. ولكن نحن أمة «الجواب يبان من عنوانه» فما الداعى للقراءة؟ يذكر فلان أمامنا، فتكون الإجابة المتوقّعة إما شتيمة وإما كلمة من قبيل: «محترم» أو «أستاذ» أو «حبيب قلبى». وهذه انطباعات مفهومة كمقدمة ولكن تجد أحدنا إن تبنى موقف الشتم، فلا يرى فيمن يشتمه موقفاً واحداً إيجابياً ولا كلمة حق قالها فى أى موقع أو موقف. وهذا دليل مراهقة فكرية وصبيانية سياسية. وهذا مفهوم، بل ومتوقع منذ أن قالها «أرسطو»: إن الفضيلة وسط بين رذيلتين، ولكن العقول السطحية لا ترى إلا الرذيلتين ولا ترى الوسط على الإطلاق، ولا ترى مواطن الضعف فى الحجة القوية ولا ترى مواطن القوة فى الحجة الضعيفة. ثالثاً، أسطورة «الفُجر فى الاختلاف» أى نظرة الشخص إلى الاعتقاد أن البطولة كل البطولة أن تقف من الآخرين موقف السيف البتار والوحش الكاسر، بمنطق «من إذا اختلف فجر». وهؤلاء لا يفرّقون بين الاختلاف والاتفاق فى وجهات النظر من ناحية والكراهية والحب من ناحية أخرى. نحن لا نحب ولا نكره السياسيين والمثقفين، نحن لن نتزوجهم! نحن نتفق ونختلف معهم فى بعض الأمور ونتفق ونختلف معهم فى أمور أخرى. ولكننا نواجه مشكلة أكبر وهى أننا حين نقرر أن نكره لسبب ما، نتخذها عادة، فيظل يكره بعضنا بعضاً، حتى إن زال السبب، بل نبدأ فى بناء سعادتنا الشخصية على كراهيتنا للآخرين ورغبتنا فى فشلهم دون التفكير المنطقى فى عواقب هذا الفشل. اخترع دارسو هذه الظواهر أدوات مختلفة كى تقلل من تأثير خلط المشاعر الغاضبة أو المبتهجة على عملية صناعة القرار أو تبنى الموقف، ومنها فكرة تحليل الـ360 درجة، وتحليل «سوات» (SWOT) والقبّاعات الست (Six hats) وتحليل باريتو (Pareto analysis) وتحليل جذور المشكلة (Root-cause analysis) والقراءة الباردة (Cold reading)، وتحليل التكلفة والعائد (cost-benefit analysis)، وشجرة صنع القرار (decision-making tree). يدرس طلاب الجامعات فى الخارج مثل هذه الأدوات، إما مجمّعة فى مقرر واحد مثل التفكير النقدى (critical thinking) وإما موزّعة على مقررات مختلفة. وبالمناسبة ليس المقصود من مثل هذه الأدوات أن يصل الأشخاص إلى نفس الاستنتاجات ولكنها تساعدهم على توحيد اللغة والمصطلحات المستخدمة والتفرقة بين الحقائق والانطباعات والاستنتاجات. وطبعاً هذا كله ليس جزءاً من المشهد السياسى المصرى، فأغلب من يحتلون الساحة السياسية والإعلامية المصرية أقرب إلى كاتب السيناريو الذى يريد تحريك الشخصيات وفقاً لما يعتبره صواباً، مع ملاحظة أنه مرجعية نفسه، لأنه هو الحق والخير والجمال والوطنية والعدل والرحمة والإنسانية كما أشرت. والمختلفون معه أشرار غير أخلاقيين بالمطلق، لأنه أنا المطلق، أنا الإله الكامن وراء الخير فى الكون. أتذكر شخصاً اتهمنى يوماً أننى أكتب «مقالات باردة» فى ظل دعواته هو لأن ينزل الشباب للاحتكاك بالشرطة والجيش. وكان ردى عليه: أنا من مدرسة «ضربة بالمرزبة ولا مائة بالشاكوش». يعنى يوم أن نقرر أن نُسقط النظام فلنفعل ذلك بكل الأساليب الممكنة، لكن علينا أن نتأكد أن هذا القرار أخلاقى، وأنه ممكن، وأن هناك ما يكفى من دعم له، وفقاً لمعادلة خماسية قائمة على عدة احتمالات شرحتها له. وجدت الرجل يرفض هذه الطريقة فى التفكير أصلاً، ويرى أن علينا أن نُلقى بأنفسنا فى البحر وربنا يستر، ويموت من يموت ويُصاب من يصاب. المهم أننا أذهبنا غيظ قلوبنا. وهكذا انتصرت الثورة، ولكننى قلت له الوضع مختلف، واقتبست عنوان كتاب شهير يقوله: «الذى وصل بك إلى هنا، لن يحملك إلى هناك» ولكنهم لا يقرأون. رابعاً، أسطورة «المناضل بلا قضية»، شئنا أم أبينا، تخلق الحالة الثورية إحساساً لدى البعض، وقطعاً ليس الكل، وإلا تحوّلنا إلى حرب أهلية من فترة، بأن هدوء الأوضاع ليس فى مصلحته هو الذاتية. لذا لا بد من حالة النضال الثورى، حتى لو ظل الإنسان مناضلاً بلا قضية حقيقية، ويرى من وجهة نظره أن المزيد من الدماء والشهداء مؤشر على نجاحه. وطالما أنه يدعو إلى الفعاليات والناس تستجيب، إذن هو زعيم، وليُصب من يصاب، وليمت من يمت، المهم أنه هو الزعيم. وهذا شرط ضرورى وغير قابل للنقاش. وبعد أن تكون هناك إصابات ووفيات، يجلس المناضل بلا قضية على «الفيس بوك» أو «تويتر» ليؤرّخ لدوره العظيم. وحين يرى بعض المشاركين فى المظاهرات أن دورهم بدأ يتصاعد، يتمرّد هؤلاء على أولئك، فيدخلون فى خلافات مع مناضلين آخرين سبقوهم فى النضال، ونرى التقاذف بالشتائم وبأشنع الألفاظ بين ثائر يفضّل الإخوان على العسكر وثائر يفضل العسكر على الإخوان، وثائر يكره الاثنين، وثائر يتراجع عن ثوريته ليكتشف أنه أخطأ من الأصل فى دعم الثورة، لأن الشعب لا يستحق الثورة والتضحية من أجله. ما كتبته فى السطور السابقة لا يحدث بهذه اللغة التى كتبتها، وإنما هى شتائم وسباب يعبّر عن كراهية وغل فى علاقة الأطراف ببعضها البعض. ويكون السؤال: لماذا لا تستطيعون أن تعملوا سوياً من أجل بلد أكثر تحضُّراً؟ وكيف تريدون لمصر أن تكون أكثر تحضراً وأنتم أنفسكم فيكم الكثير من أسباب التخلف؟ وأين أولئك الذين قادوا الثورة الأولى؟ لماذا لم تعد لهم الريادة؟ وتركوا الساحة لمن يتبنى استراتيجية الممثل الذى أراد الفتاة المتظاهرة فحملها على أكتافه هاتفاً: «مش هنسلم، مش هنبيع، مش هنوافق ع التطبيع». ظاهر «نضاله» أنه من أجل الوطن، ولكن لا شك أنه نضال له مآرب أخرى. وما الذى يجعل هؤلاء يقرّرون -منفردين- لمصر والمصريين مستقبلهم؟ إذا كان الإخوان أخذوا مصر رهينة، ألا ترون أنكم لو أخذتم خطوة للخلف وتساءلتم هل أنتم تقومون بدور الحرامى المضاد لتأخذوها منهم؟ إن كان خطابكم مقنعاً لجموع المصريين، لماذا لا يشاركونكم مظاهراتكم مثلما حدث فى 25 يناير؟ هل أنتم تخدمون مصر أم أنتم تُذهبون غيظ قلوبكم؟ هذه أسئلة لا بد أن يسألها من يحب هذا البلد فعلياً. هذه أسئلة لا بد أن تكون على مائدة النقاش بين العقلاء حتى لا ينتهوا إلى وضع لا يكون فيه هذا البلد قابلاً للحكم، لا ممن هم الآن فى السلطة ولا ممن يأتون بعدهم. وإن تركوا هذه الأسئلة، وما خلفها من أساطير، للدفاع الساذج عن الذات بمهاجمة من يخالفهم، فهم ينتصرون لأنفسهم، ولا ينتصرون لقضية أكبر منهم وهى قضية الوطن. والقرار لهم، والأهم أن القرار لا بد أن يكون لكل المصريين، ليس لأقلية حاكمة تجيد لعبة الانتخابات ولا أقلية معارضة تجيد لعبة المظاهرات. لذا، الأزمة الحقيقية هى أزمة وعى، وأول الوعى هو الوعى بالأساطير المؤسسة للعقلية المصرية. أو هكذا أزعم. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأساطير المؤسسة للعقلية المصرية بعد الثورة الأساطير المؤسسة للعقلية المصرية بعد الثورة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 10:47 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

سعادة غامرة في يونيون برلين بعد عودة جماهيره

GMT 02:45 2020 الأحد ,19 إبريل / نيسان

ديكورات غرف سفرة مودرن

GMT 18:04 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

الصين تنشر الصورة الأولى لـ"فيروس كورونا" القاتل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib