عنف المصريين ضد مصر

عنف المصريين ضد مصر

المغرب اليوم -

عنف المصريين ضد مصر

معتز بالله عبد الفتاح

أتذكر ذات مرة أننى كنت أعبُر أحد الشوارع الكبرى، وفجأة سمعت صوت استغاثة: «الحقونى»، الصوت كان خافتاً، ثم تكرر الصوت بوتيرة أعلى، فلاحظت أن فتاة محاطة بعدد من الشباب؛ فما كان منى إلا أن تحركت فى اتجاه الصوت. والغريب أننى فى طريقى للفتاة كان هناك عدة أشخاص، منهم امرأة، تقول: «حرام عليكم سيبوها»، وهنا بدا الوضع ملتبساً، لماذا لا يتحرك الناس لنجدتها بدلاً من التعامل مع الأمر وكأن شيئاً لا يمكن فعله؟ المهم زعقت بأعلى صوتى بدون التفكير كثيراً، بما شجع آخرين على أن يتحركوا فى اتجاه الفتاة، وهنا تحرك الشباب الذين كانوا يتحرشون بالفتاة بعيداً عنها. بغض النظر عن التفاصيل، لقد كانت الواقعة بتفاصيلها صدمة لى، وحين سألت أصدقائى عن هذه الواقعة، فكان الكلام عن أنها ظاهرة أصبحت منتشرة بشدة، ولشخص عاش خارج مصر لفترة، هذه مفاجأة غير سارة بالمرة، لأن هذا يعنى أننا تدهورنا أخلاقياً للدرجة التى لم يعد يكفى فيها أن تكون الثورة سياسية، بل ربما هى الجزء الأسهل، والجزء الأصعب أن أخلاقنا هذه لن ينفع معها الوقوف فى الميدان أو فى الشوارع تحت شعار: «يسقط يسقط»، هذا عنف من المصريين ضد مصر. تذكرت المشهد المقابل بانتهاك عدد من رجال الشرطة كرامة المواطن الذى قاموا بسحله عارياً بلا أدنى رحمة أو التزام بقواعد القانون أو اعتبار لأن الثورة قامت ضد انتهاكات حقوق الإنسان، ثم نفاجأ بأن شهداء آخرين سقطوا بعد تعذيبهم فى الاحتجاجات الأخيرة، بما يعنى أن النزعة نحو العنف وانتهاك حقوق الإنسان لا تزال موجودة فى جهاز الشرطة لكنها كانت بحاجة لمن يطلق لها العنان، ويبدو أن وزير الداخلية الجديد قرر أن يطلقها، وهو أمر خطير للغاية وله تداعيات سلبية ستؤدى حتماً إلى مواجهات دامية، وحين يتحدث العقلاء عن استخدام الشرطة للعنف، فالحديث عن المعايير الدولية التى أقرتها الاتفاقات الدولية التى تكون فى أقصاها رش المتظاهرين بالمياه، أو إلقاء غازات مسيلة للدموع بكميات قليلة تكفى لرد المتظاهرين عن الاشتباك المباشر مع قوات الشرطة، وليس كأداة لخنقهم، ولا أنسى خبرتى الشخصية مع القنابل المسيلة للدموع، لأن لها آثاراً سلبية على الجهاز التنفسى لفترة طويلة للغاية، بما يعنى أنه حتى هذا البديل لا بد أن يستخدم وفقاً للمعايير الإنسانية المتعارف عليها دولياً حتى لا يتحول إلى أداة للتعذيب. أكرر: لا بد من وقف عنف المصريين ضد مصر. ولكن لا يمكن تجاهل أن هناك من يرى أن من حقه أن يلقى «المولوتوف» على أفراد الشرطة أو على المبانى الحكومية، وكأن هذا يدخل فى إطار حقوق الإنسان المقررة له، وأياً كانت الدوافع والمبررات، فهذه نزعة نحو العنف تنال من «سلمية الثورة» التى كنا نفاخر بها، ومن يتصور أن العنف الجارى حالياً يمكن مقارنته بما كان يحدث فى أيام الثورة الأولى من حيث نبل الهدف ونبل الأداة، فهو قطعاً قد أخطأ القياس، فى أيام الثورة، كان الثائرون يريدون الوصول إلى ميدان التحرير للاعتصام فيه سلمياً، والشرطة كانت تطلق عليهم كل أسلحتها وصولاً للرصاص الحى، أما اليوم، فالاعتصام فى ميدان التحرير أصبح هو الأصل، ومن السهل للغاية إدانة أى فعل إجرامى ضد حقوق الإنسان حين يكون الشخص المنتهك حقوقه سلمياً يعبر عن رأيه باللسان فقط، ولكن من الصعب للغاية الدفاع عن حق شخص يحمل زجاجة «مولوتوف» يلقيها على مبانٍ حكومية أو قوات الشرطة. وهناك مسئولية سياسية على «الرئاسة» بوضع حد لعنف الشرطة وإجبارها على احترام الدستور والقانون، وهناك مسئولية سياسية على المعارضة فى التفرقة بين حق الاعتراض والتظاهر السلمى، وبين الدائرة الخبيثة للعنف والعنف المضاد الذى ينال من الجميع، ولا أعتقد أن المعارضة تكسب أرضاً جديدة مما يحدث الآن، سواء كان صحيحاً أم لا، ما جاء فى استطلاع الـ«بى بى سى» عن أن أكثر من ثمانين فى المائة من المصريين يعترضون على «جبهة الإنقاذ». لا بد من وقف عنف المصريين ضد مصر. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنف المصريين ضد مصر عنف المصريين ضد مصر



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 21:22 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سألوا الناخب.. فقال

GMT 21:20 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ديمقراطية على المحك!

GMT 21:18 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترامب!

GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:38 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
المغرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib