معتز بالله عبد الفتاح
يا شعب مصر، هذا وطن الجميع، نعيش فيه تحت شمس واحدة، ونشرب فيه من نيل واحد، ونعانى فيه جميعا وقت المعاناة، ونفتخر بإنجازاته التى نصنعها معا يداً بيد. وقد وجدت أننا كمصريين فقدنا شيئاً مهماً، لا تنهض أمة إلا به، ولا تقوم حضارة إلا على أساسه، وهو الثقة.
أيها الإخوة المواطنون، دعونا نعترف بما يلى:
أولا: لقد نجحنا فى امتحان الثورة وأخفقنا فى امتحان الديمقراطية؛ لأننا لم نكره الاستبداد بما يكفى، فطالبنا بالديمقراطية مستخدمين أكثر الأساليب استبدادا. لقد نجحنا فى امتحان الثورة وأخفقنا فى امتحان الكرامة؛ لأننا لم نكره الإهانة بما يكفى، فوجّهنا الإهانات لغيرنا لمجرد أنهم مختلفون معنا فى الرأى، حتى إن كانوا سابقين علينا فى الفضل. لقد نجحنا فى امتحان الثورة، ولم ننجح فى امتحان التقدم؛ لأننا لم نكره التخلف بما يكفى بدليل أننا لم نزل نستخدم أساليب متخلفة فى إدارة معظم شئون حياتنا. لقد نجحنا فى امتحان الثورة وأخفقنا فى الحفاظ على وحدتنا، لأننا لم نكره الفرقة بما يكفى، بل اعتبرنا أن وحدتنا ظرف استثنائى ولّى إلى غير رجعة واتخذنا من الأساليب ما فاقم الأزمة.
ثانيا: إن مصر الآن تواجه خطرا بالغا ليس فقط على صعيد تفكك الدولة بل كذلك على صعيد تحلل المجتمع. وهو خطر بالغ أسهمنا جميعا، ولا أعفى نفسى، من المسئولية عنه. لقد أصبح الانقسام المجتمعى خطرا على مستقبل مصر، وهو ما لا أقبله ولا أريده، وسأعمل على علاجه وأريدكم جميعا أن تساعدونى عليه.
ثالثا: القضية الآن لم تعد إنقاذ الثورة فقط ولكن إنقاذ الوطن قبل ذلك. وهى مسئولية مشتركة من الجميع: حكومة ومعارضة، حاكمين ومحكومين، ثائرين ومعارضين للثورة. إنها مركب واحد وكلنا شركاء فيه.
رابعا: لم يزل بيننا من يعانون؛ لأننا لم نضع قضاياهم بعدُ فى قمة أولوياتنا، هؤلاء هم أبناء مصر من الفقراء والمحتاجين الذين عاشوا طويلا بعيدا عن رعاية الدولة، ولا يزالون. هؤلاء عانوا ويعانون، صبروا ويصبرون ونحن مشغولون فى صراعاتنا السياسية التى لا تعنيهم من قريب أو بعيد. نحن فى مأزق أننا، نعلم بوجودهم، لكننا نتغافل عنهم، ننظر لاحتجاجاتهم وكأنها مؤامرة، لكنها تعبير مباشر عن أهداف الثورة التى تطالب بحق الجميع فى قوت يومه وحرية رأيه وكرامة نفسه وعدالة مجتمعه. هم من لا يعرفون حقوقهم، وقد لا يعرفون واجباتهم أيضا، وفقا للقانون؛ لأن القانون لم يصل إليهم.
خامسا: بيننا من يتشكك فى كل خطوة تخطوها الدولة ظناً منهم أنها خطوة فى إطار سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة أو لتمكين دول أجنبية من السيطرة على مقومات الوطن. وهى مخاوف أختلف معها، لكننى أقدرها؛ لأنها طالما صدرت عن بعض من بنى وطنى، إذن فلها أساس من الصحة القائمة على الخطأ من قبلى ومن قبل من يعملون معى. إن دولة الاستبداد والاستعباد والإفساد لن تعود، والتزامى بالديمقراطية أكبر من التزامى بالأيديولوجية، واحترامى لحقوق الإنسان المصرى أكبر من احترامى لأى تنظيم سياسى مهما كنت قريبا أو بعيدا عنه، وسيادة مصر والمصريين، مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء، أغنياء وفقراء، على كامل مقدراتهم ومستقبلهم أمر ليس قابلا للتنازل عنه. فهو نتاج كفاح الأجداد ودماء الآباء وتضحيات الأحياء.
سادسا: نحن نواجه وضعاً اقتصادياً حرجاً ودقيقاً لن نخرج منه إلا بأن ننحى الصراعات السياسية جانباً، وأن يكون العمل وحده هو الهم والعبء والأمل. نعم لن تفلس مصر؛ لأن شعبا بهذا الفائض من الحيوية والاستعداد للتضحية لا يمكن أن يسمح لبلد أن يعيش عالة على الأمم، إن شاء أعطانا وإن شاء منحنا. لقد أخطأنا، ولا أبرئ نفسى، حين أسأنا لشبابنا وأبنائنا ووضعناهم فى مواجهات دموية على خلافات كان الأولى أن نتجنبها. هذه الأيدى خُلقت لتعمل، فإن لم تجد فى البناء عملا وجدت فى الهدم أعمالا.
أيها الإخوة المواطنون، لقد اجتمعت مع قيادات المعارضة والرأى فى مصر وقررت ما يلى: ....
انتهى المقال ولى سؤال: هل أكون حالما لو قلت إننى أنتظر خطابا كهذا من الدكتور مرسى؟
نقلاً عن جريدة "الوطن"