الأرض والطاقة والسجن

الأرض والطاقة والسجن

المغرب اليوم -

الأرض والطاقة والسجن

معتز بالله عبد الفتاح

واحدة من معضلات الاقتصاد المصرى اليوم أنه أسير مخاوف ولا يتحرك وفقا لرؤية استراتيجية عامة. الكل يعلم أن هناك 700 ألف مصرى على الأقل يدخلون سوق العمل سنويا، وكى تستوعبهم سوق العمل، نحن بحاجة لنمو بمعدل لا يقل عن 7 بالمائة، وهذا المعدل الآن أقل من 2 بالمائة. ولكن كيف يتم الاستثمار فى مصانع أو مزارع أو مساكن أو منتجعات سياحية دون توفير أرض وطاقة لمن يرغب من المستثمرين، سواء المصريون أو العرب أو الأجانب فى ظل مناخ نجد فيه بعض كبار الموظفين يخشون التوقيع على أى قرارات يترتب عليها تخصيص أراض أو توفير طاقة؛ لأن شبح المسئولين السابقين ممن هم الآن فى السجن يسيطر على أروقة صنع القرار؟! فاجأنى أحد المسئولين الكبار بقوله: «هو انت فاكر إن فلان أو علان من المقبوض عليهم الآن سرقوا فعلا؟ هؤلاء كانوا يقومون بواجبهم فى حدود سلطتهم التقديرية فى تخصيص الموارد التى يريدوننى أن أستخدمها الآن بنفس الطريقة ولنفس الغرض. وهذا ما أخشاه ويخشاه كل مسئول». فكان سؤالى: لماذا لا يكون القرار جماعيا؟ بمعنى أن يوقع مع الشخص المسئول رئيسه ثم الوزير وحتى رئيس الوزراء؟ وكان الرد: «فيه كم وزير سابق الآن فى السجن؟ وكم رئيس وزراء سابق الآن فى السجن؟ التوقيع الآن أصبح توريطة وليس حماية». ثم يحدثك بعض كبار المستثمرين عن مشاكل تفصيلية ترتبط بنقص الطاقة تحديدا. وكم من مصانع أغلقت أو لم تعمل لنقص فى الكهرباء أو المازوت أو الغاز! وكل هذا يعنى أن مصر بحاجة فورية للبحث عن مصادر طاقة بديلة، سواء بالمزيد من التنقيب (وهذه معضلة أخرى ترتبط بمن يوقع على قرارات تفويض الشركات بالتنقيب)، أو بمصادر غير تقليدية مثل الطاقة النووية أو الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. ما الحل؟ كل ما سبق هو أعراض لظاهرتين، الأولى: عصر الثورة وما يرتبط بها من التشكيك فى كل ما هو سابق عليها من أشخاص وسياسات وقرارات. وعليه يصبح المسئول فى موقف المتسائل: هل أتبع نفس السياسات التى أدت إلى أن يدخل السابقون علىّ السجن أم أنتظر لأعرف ما السياسات الجديدة التى علىّ اتباعها حتى لا أدخل السجن؟ وهنا تأتى الظاهرة الثانية، وهى أن غياب رؤية استراتيجية للدولة فى كل ما يتعلق بالاستثمار وكيفية جذب المستثمرين وكيفية تشجيعهم على ضخ المزيد من الاستثمارات وكيف تترجم هذه الرؤية فى صورة قوانين توفر ضمانات للمسئولين من ناحية وقواعد واضحة للمحاسبة من ناحية أخرى. تاريخ مصر، بل تاريخ العالم، يؤكد أن الدول لا تنجح اقتصاديا إلا بتدخل رشيد من الدولة كماً ونوعاً وتوقيتاً، وهذا هو تاريخ النجاحات المصرية فى عهد محمد على وفى عهد إسماعيل وفى عهد طلعت حرب وعهد عبدالناصر. لا يوجد عندى شك فى أننا قادرون على تخطى الصعاب، لكن تروس الماكينة غير متماسة، وإهدار الفرص والطاقات، بما فيها عنصر الوقت، ليس فى مصلحتنا. سعدت بالمبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادى التى دعا إليها السيد رئيس الوزراء وحضرها عدد كبير من الاقتصاديين والخبراء والوزراء وذوى الخبرة، وتابعت الكثير من النقاشات البنّاءة، والأهم الآن هو تحويل التوصيات إلى قرارات، وتحويل القرارات إلى مشروعات. نحن لدينا مشكلة مزمنة فى الاعتقاد أن الوقت مورد غير محدود وأن تأجيل عمل اليوم إلى الغد له دائما ما يبرره، مع أن هذا هو بداية الانتحار تماما بالذات فى الاقتصاد، وبالذات فى هذه الفترة. لا أتخيل أننا جادون فى مسألة جذب الاستثمارات دون أن نحل مشكلات الأرض والطاقة والسجن التى جاءت فى هذا المقال. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرض والطاقة والسجن الأرض والطاقة والسجن



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 21:22 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سألوا الناخب.. فقال

GMT 21:20 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ديمقراطية على المحك!

GMT 21:18 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترامب!

GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib