الرجل الأحول والعصفور الأحول

الرجل الأحول والعصفور الأحول

المغرب اليوم -

الرجل الأحول والعصفور الأحول

معتز بالله عبد الفتاح

«مرة واحد أحول عنده عصفورة حُولة، جاء يضعها فى القفص وضعها خارجه، وهى جاءت تهرب دخلت داخله». انتهت النكتة، وهى بايخة ولكنها تحمل دلالة: الحول العقلى مضر بالصحة مثل السجائر. مثلا، فى دولة ما، كان فيه استفتاء على دستور اسمه دستور 1971، ناضلت من أجل البقاء عليه قوة تسمى نفسها إسلامية، ووصفت يوم الاستفتاء عليه أنه «غزوة الصناديق» مع أن هذا الدستور كان ينص فى المادة الخامسة منه على أنه ممنوع قيام أحزاب على أسس أو بمرجعية دينية (يعنى عكس مصلحة هذه القوى)، ولكنها ناضلت من أجله بالنظر إلى المادة الثانية التى لم تكن أصلا جزءا من مواد الاستفتاء، وفى الوقت نفسه رفضته قوى أطلقت على نفسها ليبرالية ومدنية لأنه من بقايا عصر الاستبداد، وفعلت كل ما فى جهدها من أجل إلغائه، وسعدت سعادة بالغة حين قررت السلطة العسكرية الحاكمة آنذاك إلغاءه وأصدرت مكانه إعلانا دستوريا ألغت فيه الجزء الخاص بمنع قيام أحزاب سياسية على أسس أو بمرجعية دينية. فانتهت القوى المسماة إسلامية إلى أنها أيدت ما كان ضدها، واستفادت مما أيده رافضوها، وانتهت القوى المسماة ليبرالية بأنها رفضت ما كانت تعتبره دستورا استبداديا وفرحت بما اعتبرته إعلانا دستوريا أفضل فى حين أن هذا الأخير فتح عليها كل أنواع الأحزاب السلفية التى ما كانت تتمنى أن تراها فى المشهد السياسى. ألم أقل لكم: الحول العقلى مضر بالصحة؟ مثال آخر، فعل المجلس العسكرى كل ما يستطيع من أجل ألا يفوز الإخوان فى الانتخابات سواء التشريعية أو التنفيذية. قلت هذا الكلام مرارا، وكان البعض يكذبنى، ثم روى الأستاذ هيكل ما أكد كلامى من حوار دار بينه وبين المشير الذى قال له لا يمكن أن أترك السلطة والإخوان يشكلون الحكومة. المهم أن المجلس العسكرى متبنيا نفس استراتيجية صديقنا السابق، فرض 500 جنيه غرامة حتى يشارك الناس جميعا، وبالتالى لا تكون المشاركة الانتخابية قاصرة على أنصار الإخوان، فانتهى بهم الحال إلى أن أجبروا الناس على المشاركة فى الانتخابات وبدلا من أن يعطوا أصواتهم للإخوان، أعطوها للسلفيين. ونفس الكلام حين تم حل مجلس الشعب بقرار نصفه قانونى ونصفه سياسى قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعدة أيام وكانت النتيجة عكس ما كان يريد هؤلاء. وقد قلت ذلك فى الاستوديو التحليلى حين سئلت عن تأثير قرار حل مجلس الشعب على جولة الإعادة وكان ردى أن بعض الناس كانوا يتخوفون من التصويت لصالح الدكتور مرسى حتى لا يجمع الإخوان بين سلطتى التشريع والرئاسة، الآن سلطة التشريع ذهبت للمجلس العسكرى، وبالتالى البعض سيعطى صوته للدكتور مرسى خوفا من أن يجمع المجلس العسكرى والمرشح الأقرب له (الفريق شفيق) بين سلطتى الرئاسة والتشريع. وتمر الأيام، لنكتشف جميعا أن المجلس العسكرى أضر بالمرشح الذى كان يؤيده فى حين أنه كان يسعى لمساعدته. وتستمر الحكاية من خلال «الإعلان الدستورى المعيب» الذى خرج به علينا الرئيس فى 22 نوفمبر الماضى. والذى كنت أظن أنه نتيجة الحوار الذى دار بين الرئيس ومرشحى الرئاسة السابقين بناء على معلومة غير دقيقة وصلتنى من أحد المقربين من الرئيس. وإذا كان الهدف من هذا الإعلان إنهاء الفترة الانتقالية بأقل قدر من الخسائر، فقد تحول هو نفسه إلى معضلة كبيرة ظللنا ننادى الرئيس بالرجوع عنها ولكن ما حدث قد حدث وانتهينا إلى أن توحدت المعارضة مع العدد الأكبر من القضاة ضد قرارات الرئيس فى لحظة بدا الرئيس فيها متعنتا حتى مع فرض حسن النية، ولكن لا شك أن القرار أتى بعكس الهدف منه. ولكن يسير فى نفس الاتجاه موقف «جبهة الإنقاذ» والتى تقوم هى الأخرى بدورها الكبير فى اتخاذ مواقف عكس مصلحتها وتضعف موقفها أمام شارع يتطلع إلى معارضة رشيدة. أرجوكم فقط استحضروا مشهد الرجل الأحول مع العصفور الأحول وأنتم تقرءون الفقرات السابقة. نقلاً عن جريدة "الوطن"  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجل الأحول والعصفور الأحول الرجل الأحول والعصفور الأحول



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib