حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام

حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام

المغرب اليوم -

حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام

معتز بالله عبد الفتاح

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِىَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّى مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِى قَوْمَهُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بِهِمُ الْبَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذاً فَقَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ! فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَأَتَى النَّبِىَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا وَنَسْقِى بِنَوَاضِحِنَا وَإِنَّ مُعَاذاً صَلَّى بِنَا الْبَارِحَةَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ فَزَعَمَ أَنِّى مُنَافِقٌ! فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ»؟! -ثَلَاثاً- «اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَنَحْوَهَا» (أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ). أحيانا نظن أننا نخدم الإسلام، فى حين أن النتائج غير المقصودة لأفعالنا تؤدى إلى ما لم نكن نستهدف أو نتوقع، والأمثلة حقيقة كثيرة وتستحق تفكيراً عميقاً، وهذه هى دلالة القصة التى بدأت بها المقال، حيث أراد معاذ -رضى الله عنه- أن يتقرب إلى الله أكثر، فانتهى به الحال مسئولاً أمام الرسول، صلى الله عليه وسلم: «أفتان أنت»؟! وهو ما ينطبق على بعضنا ممن يثيرون الفتن وهم غالباً لا يقصدونها؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قال لى صديق أثق فى خلقه إنه رفض أن يستأجر خدمات نجار ممن يطلقون اللحى بشكل مبالغ فيه، وحين استفزنى الموقف سألته: وما المشكلة تحديداً؟ وكانت الإجابة: «هؤلاء يتاجرون بالدين» وبما أننى من مدرسة ألا نتعجل فى الحكم على الناس ولا على التيارات وأن التعميم فى هذه المواقف ليس من الصحة فى شىء، كان سؤالى: وكيف عرفت أن هذا الشخص يتاجر بالدين؟ وهنا كانت الإجابة المزعجة بالنسبة لى أنه ربط هيئة الرجل بنتيجة الانتخابات الماضية وبعض ما صدر عن بعض النواب المنتسبين للتيار المحافظ دينياً. وفى معرض نقاش مشابه، تبين لى أن آخرين قد تعرضوا لمواقف مشابهة وكأن هناك من ربط ربطاً مباشراً بين سلوك البعض وبين ما سموه «المتاجرة بالدين».. إذن، نحن أمام معضلة تتطلب الكثير من الحذر والحيطة من قبل المنتسبين للتيار المحافظ دينياً؛ لأنهم أمام معضلة حقيقية: هم ينسبون أنفسهم لفكرة «المرجعية الإسلامية» بحكم انتمائهم لأحزاب ترفع أمثال هذه الشعارات، وهذا يوفر لهم ما لا يوفره لغيرهم من توقعات متزايدة بأنهم يلتزمون بالإسلام عقيدة وعبادة وخلقاً وسلوكاً.. ولكن حين تحدث بعض الأخطاء، الجماعية أو الفردية، يكون لها دوى شديد؛ لأنها تأتى لمن رفع توقعات الناس بشكل مبالغ فيه، إذن نحن أمام معضلة حقيقية، هى أن بعض من ينتسبون للتيار الدينى وقع فى الفجوة بين الدين وسلوكياتهم الشخصية، ولولا أن بعض العقلاء داخل التيار المحافظ دينياً يقومون بمعالجة الأخطاء وتقديم الاعتذارات وتقويم المخطئين لكانت الخسائر أكبر، ولكن هذا لن يكون كافياً على المدى الأطول. هل أستطيع أن أطالب بعض المنتسبين للتيار المحافظ دينياً بأن يتدارسوا حديث رسول الله: «وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا». فلنتواضع، ولنكف عن الزعم بالحديث باسم الشرع الشريف، ولنقل فى الأمور الخلافية والاجتهادية: «ما يغلب على ظنى كذا وكذا...»، وليس: «ما قرره الشرع كذا وكذا...»، حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام. نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام حتى لا يكسب الإسلاميون ويخسر الإسلام



GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

GMT 21:25 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفعل السياسي الأكثر إثارة

GMT 21:22 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سألوا الناخب.. فقال

GMT 21:20 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ديمقراطية على المحك!

GMT 21:18 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترامب!

GMT 06:10 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 05:06 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل
المغرب اليوم - حورية فرغلي تكشف موقفاً محرجاً بعد عودتها إلى التمثيل

GMT 17:36 2012 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

مجموعة للعناية بالشعر وتقويته

GMT 12:24 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أولمبيك آسفي يخطط لضم 4 لاعبين في الميركاتو

GMT 17:23 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

مشوار المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2018

GMT 02:35 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

عفاف شعيب سيدة شعبية في مسلسل "فوق السحاب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib