أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

المغرب اليوم -

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

معتز بالله عبد الفتاح

 أولاً: «هات يا ابنى مفتاح السيارة» يقول أحدهم، فيكون التفسير: إذن هو غالباً سيأخذ السيارة ويسافر ولن يعود إلى البيت مرة أخرى. ثانياً: «نريد أن نضع موعداً محدداً لنوم الأطفال من أجل تعويدهم على النظام» يقول أحدهم، فيكون التساؤل: كيف يمكن لأحد عاقل أن يفرض على الأطفال أن يناموا قبل صلاة المغرب كل يوم، هل هذا معقول؟ أرجو أن يكون واضحاً لحضراتكم ما فى العبارتين من مغالطة منطقية. والمغالطة المنطقية هى انحراف فى الاستدلال والتفكير إما بسبب سوء فهم أو بسبب وجود رغبة فى تشويه الكلام المكتوب أو المسموع. فى العبارة الأولى هناك انحراف واضح فى التفكير بسبب المبالغة فى استنتاج ما لا يحتمله المعنى أصلاً، فليس من المنطقى إن طلب أحدنا مفتاح سيارته أن نستنتج أنه قرر أن يغادر المنزل بلا عودة. ولكن هذه المغالطة عادة ما تشيع بسبب الأجواء المحيطة من مناخ التخوف والتشكك. ولهذا يطلقون عليها باللغة الإنجليزية «slippery slope» وهو معنى أقرب إلى «الانزلاق فى حفرة عميقة»، حيث يهوى الإنسان فى هذه الطريقة فى التفكير ويبدأ فى استنتاج ما لا يبدو منطقياً استنتاجه فى الظروف العادية. وأجد شيئاً من هذا عند مناقشة المواد الخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية وعدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية عند إلزام الدولة بالعمل على المساواة بين الرجل والمرأة فى كل المجالات. نجد أن بعض الأصدقاء من السلفيين ينظر لعبارة مبادئ الشريعة وكأنها مؤامرة من نوع ما تستهدف فى النهاية تخلى مصر عن احترامها والتزامها بالشريعة، وكأنها مقدمة لخروج المصريين على شريعة الإسلام. وينظر إليها بعض الليبراليين وكأنها السلاح النفاذ الذى سيستخدمه الإسلاميون لإقامة دولة كهنوت تقتل الحقوق والحريات وتدمر الديمقراطية. والحقيقة أنها ليست هذه ولا تلك. هى مادة تعبر عن هوية الدولة من ناحية وتخاطب المشرع، أى البرلمان، بألا يخالف أثناء التشريع ما هو قطعى الدلالة وقطعى الثبوت من أحكام الشريعة الإسلامية، وأما ما هو ظنى الدلالة (أى يحتمل أكثر من تفسير) فلينتقى منه ما يحقق الصالح العام. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، ذلك أن التحليل السابق يفترض رؤية معتدلة للأمور ليس فيها حسابات شخصية أو حزبية. وهنا تأتى المغالطة الثانية والتى مضمونها هو «صناعة الرجل القش» أو «Strawman» والفكرة ببساطة أن أحدنا يجد من مصلحته أن يضعف حجة الطرف الآخر بأن يعيد صياغة الجمل والكلمات على نحو يجعلها أكثر تطرفاً من الصيغة الأصلية حتى يمكن مهاجمتها. والمثال المشار إليه واضح، فمن المنطقى أن يطالب الأب بأن يكون هناك موعد متفق عليه لنوم الأطفال، ولكن من يرد أن يهاجم هذه الفكرة، لن يستطيع أن يهاجمها بذاتها، فيطور صيغة أخرى أكثر تطرفاً ويهاجم الصيغة المتطرفة على أنها الفكرة الأصلية. وهنا يكون الهجوم على أن ينام الأطفال قبل المغرب، فى حين أن هذا لم يكن أصلاً مطروحاً للنقاش. ألمس هذا عند مناقشة بعض مواد الدستور الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية وتحوير الأمر وكأن الرئيس يحظى بصلاحيات أكثر من التى كان يتمتع بها الرئيس فى ظل دستور 1971، وهذا غير صحيح بالمرة. وكل ما للرئيس من صلاحيات فى الشئون الداخلية هو إما يشترك فيها مع البرلمان أو مع رئيس الوزراء، وفقاً لما تقتضى به النظم المختلطة (مثل النظامين الفرنسى والبرتغالى). ولكن هناك من لا يرى فى مصلحته أن نرى الأمور بحجمها الحقيقى: فيرتدى العدسة المحدبة أحياناً، والعدسة المقعرة أحياناً، فيرى الجمل نملة، ويرى النملة جملاً أحياناً. أو ربما هى أجواء الترصد والتربص والتخوف والإقصاء والتى تقتضى الكثير من الحكمة والتجرد وإعلاء مصلحة الوطن.. أممكن؟ نقلاً عن جريدة " الوطن "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib