معتز بالله عبد الفتاح
هذا كلام محدد للسيد الرئيس محمد مرسى، ولفريق عمله. وهو رسالة ضمنية لزملائى وأصدقائى فى الجمعية التأسيسية وخارجها ممن يعون خطورة الوضع الراهن وتعقيدات المشهد.
أولا، الأمل كل الأمل أن تنجح الجمعية التأسيسية بتشكيلها الحالى فى أن تنجز الدستور قبل 12 ديسمبر 2012 وهو تاريخ نهاية الستة أشهر المقررة لها وفقا لاستفتاء 19 مارس 2011.
ثانيا، هناك احتمال، كبيرا كان أو صغيرا، ألا تنجح الجمعية فى أن تحقق التوافق المطلوب فى الموعد المطلوب.
ثالثا، الوقت ليس موردا غير محدود، والتأخير يعنى استمرار الشلل السياسى فى البلاد بما له من انعكاسات سلبية كثيرة على أحوال الناس الاقتصادية والاجتماعية والأهم الأخلاقية. وكل يوم نتأخر فيه البلد تخسر فيه أكثر. ومن لا يعرف قيمة الوقت ولا يقدره فليخلع عباءة السياسة وليمتهن مهنة أخرى لأنه غير أمين على مصالح الناس.
رابعا، هناك من يقدم اقتراحا للسيد الرئيس بأنه لو لم تنجح الجمعية فى إنجاز المطلوب منها فى الموعد المحدد، فإنه يقوم بتشكيلها مرة أخرى سواء بذاتها أو بإدخال بعض التعديلات عليها وإعطائها فرصة لمدة ستة شهور أخرى. وهو ما لا أرى منطقا وراءه لأنه إذا كان التوافق صعبا بين أعضاء جمعية يقال عنهم، خطأ، أنهم من فصيل واحد، فكيف سيتحقق التوافق بين أعضاء جمعية يأتون من فصائل متناحرة. فى تقديرى من يخفق فى صياغة دستور خلال ستة أشهر، فلن ينجح فى صياغة دستور فى ست سنوات لأن المشكلة لن تكون فى كلمات الدستور ولكن فى تحيزات العقول وهواجس النفوس.
إذا كان ذلك كذلك، إذن أقترح على الرئيس وفريق عمله ما يلى:
أولا، البدء فورا فى تشكيل فريق عمل من ثلاثة فقهاء دستوريين غير منتمين حزبيا أو أيديولوجيا فى أى اتجاه وأن يعهد إليهم بمهمة ذات أربعة أضلاع.
الضلع الأول أن ينهوا عملهم بصياغة دستور مرحلى خلال فترة وجيزة بحيث يكون هذا الدستور جاهزا مساء يوم 12 ديسمبر 2012، فإذا قدمت الجمعية التأسيسية مشروع دستور متماسك فى هذا التاريخ، فهذا هو المطلوب. وإذا لم تنجح، فلا بد من وجود مشروع دستور آخر جاهز للاستفتاء عليه.
الضلع الثانى أن يكون الدستور المرحلى انعكاسا لأهم مكتسبات الثورة والمتمثلة فى نتائج استفتاء 19 مارس، وأهم ما كان واردا فى دستور 1923 ومشروع دستور 1954 وأعمال الجمعية التأسيسية الحالية والتى أنجزت الكثير من الدراسات والمقترحات.
الضلع الثالث أن يبتعد الدستور المرحلى تماما عن مناقشة كل ما يتعلق بمواد الهوية (المواد الثلاث الأولى من دستور 1971)، وأن يدخل التعديلات الملائمة على الحقوق والحريات دون المبالغة فى الإحالة للقانون؛ فمصر ليست دولة ناشئة حديثا مثل جنوب السودان تبحث عن هوية وعلم ونشيد وطنى. ويمكن فى ديباجة الدستور (أى مقدمته) أن نكتب ما نؤكد على ما نشاء من قيم ومعان نبيلة وأهداف عليا للوطن بما يتناسب مع روح 25 يناير. وقد استقر فى العرف الدستورى المصرى أن مقدمة الدستور لها حجية المواد نفسها.
الضلع الرابع أن يتضمن باب أحكام الفترة الانتقالية نصا يقول فيه «يستفتى الشعب على استمرار الدستور أو تغييره فى العام العاشر من تاريخ إقراره فى استفتاء عام».
أخيراً، لا ينبغى أن يعلن أسماء الذين أعدوا الدستور إلا بعد الاستفتاء عليه سواء كانت نتيجة الاستفتاء بالموافقة أو بالرفض. وليستعد هؤلاء الثلاثة لسيل الشتائم والسباب من صفائح القمامة التى تعيش بيننا. ولكنه عمل لله وللوطن.
يا رب تنجح الجمعية التأسيسية ولا نحتاج للدستور المرحلى البديل، لكن السياسى الذكى يستعد لكل الاحتمالات بدءا بالأسوأ.. مش كده ولا إيه؟
نقلاً عن جريدة "الوطن"