معتز بالله عبد الفتاح
أسعد الله صباحك سمو الأمير، لست بحاجة للتأكيد على عمق العلاقات وصدق المشاعر التى يكنها المصريون لإخوانهم وأهلهم فى الكويت، وأعلم أنه شعور متبادل بين الإخوة والأشقاء.
ومن الواجب أن يتنادى العقلاء إلى الحكمة وأن يتواصوا بالحق وأن يمنعوا الأزمات قبل أن تتفاقم لا قدر الله.
هناك مشكلة لا أعلم ما الهدف منها قد تؤدى إلى ما لا ينبغى أن يكون بين الأشقاء بطلها معالى المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والذى عرفت من قراءة معلومات عنه أنه كويتى الجنسية.
وهو يسبب حالة من الارتباك فى المشهد الثقافى المصرى، بل العربى، فى الوقت الذى ينبغى أن تكون فيه الثقافة هى الجسر الذى نعبر منه إلى الفجوة الهائلة التى صنعتها السياسة.
كتب الأستاذ الدكتور أحمد يوسف بالأمس كلاماً يلخص المشهد المرتبك الذى سببه معالى المدير العام؛ إذ وقع فى الثامن عشر من فبراير الحالى مجموعة من المثقفين العرب، يربو عددها على المائتين، بياناً بعنوان: «لا للمكارثية الثقافية العربية»، وبمجرد نشره على موقع «ثقافة عربية حرة» تجاوز عددهم فى أيام قليلة رقم الثلاثمائة، وقد أدان البيان بكل شدة وعلى نحو مطلق ممارسات المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التى تمثلت «فى اختلاق مفضوح لتهم أدت إلى التحقيق مع الأستاذة الدكتورة نيفين مسعد، المديرة القديرة لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع للمنظمة ومساءلتها عن هذه التهم المختلقة، ثم عزلها عن وظيفتها وتخفيض درجتها الوظيفية فى أول سابقة من نوعها فى تاريخ الجامعة العربية التى تُتم فى هذه السنة سبعين عاماً من عمرها، مع العلم بأن إدارة المنظمة قد وقفت ضد تعيينها مديرة للمعهد منذ البداية، مما يؤكد شخصنة الخصومة».
كان معالى مدير المنظمة قد تصور أن صمت الدكتورة نيفين مسعد بحكم اضطرارها إلى عدم تقديم استقالتها حتى لا يسقط حقها فى مقاضاته سوف يقيم حاجزاً من السرية والكتمان حول ما جنته يداه، لكن الإجراءات العلنية للتقاضى واقتناع الحكومة المصرية، ممثلة فى شخص الوزير المحترم منير فخرى عبدالنور الذى يمثل مصر بحكم منصبه فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى لجامعة الدول العربية بعدالة القضية، قد أدى إلى معرفة تفاصيل الموضوع، وبالتالى فإن مجموعة المثقفين التى حارت طويلاً فيما جرى قد سارعت إلى الإلقاء بثقلها فى أتون المعركة، ومما يدعو إلى الفخر القيمة الرفيعة للأسماء التى وقّعت على البيان والتى تتزايد يوماً بعد يوم من شتى البلدان العربية، ولا أريد أن أخصص أسماء بعينها، ويستطيع القارئ الكريم على أى حال أن يطلع على القائمة الكاملة للأسماء على موقع «ثقافة عربية حرة»، لكنى مع ذلك لا أملك إلا أن أشير إلى أن عدداً يُعتد به من هذه الأسماء هم من خريجى المعهد على مدار السنين الذين يحتلون الآن أرفع المناصب الأكاديمية والسياسية فى بلدانهم بما يؤكد أهمية رسالة المعهد وخطورة المحاولات الجارية الآن على قدم وساق لهدمه، ومنذ تأسيس المعهد فى ١٩٥٢ بقرار من مجلس جامعة الدول العربية كان الهدف منه هو الإعداد العلمى لأجيال من الأكاديميين العرب فى مجالات الدراسات الإنسانية العربية فى شتى حقول المعرفة العلمية فضلاً عن إعداد البحوث العلمية فى القضايا العربية المهمة، وفى أوقات الوفرة المالية كان المعهد يقدم منحاً دراسية لطلابه، وعندما بدأت أيام الشح المالى اضطر المعهد إلى تحميل دارسيه برسوم دراسية، غير أنها ظلت شديدة الرمزية، ناهيك عن مراعاة المعهد للظروف الموضوعية الخاصة لطلابه، سواء على الصعيد الشخصى أو الوطنى، بحيث إن أبوابه لم تُغلق يوماً أمام طالب علم بسبب عسره المالى.
يا سمو الأمير، يتطلع المثقفون العرب إلى أن يروا على رأس المنظمة المسئولة عن الثقافة العربية مثقفاً كويتياً يعكس الوجه الحقيقى المضىء لدولة الكويت صاحبة الأيادى البيضاء على الثقافة العربية.
وفقكم الله لما يحب ويرضى.