بمجرد إعلان فوزه بالانتخابات العامة تلقى رئيس الوزراء اليونانى اليسارى أليكسيس تسيبراس هدية من نظيره الإيطالى ماتيو رينزى عبارة عن ربطة عنق من الحرير.
وأصبح تسيبراس أصغر رئيس وزراء فى تاريخ اليونان الحديث بعد حصول حزبه على الأغلبية فى الانتخابات العامة الأخيرة، وبلغ سنه حين شكل الحكومة قبل 6 أشهر 40 عاماً.
وتعهّد تسيبراس بارتداء ربطة العنق فور الانتهاء من تسوية صفقة مع الجهات الدائنة لبلاده بخصوص حزمة الإنقاذ المالى.
ورغم مرور أشهر طويلة على المفاوضات بين اليونان ودائنيها فإن الأزمة لم تُحل بعد، بل تصاعدت بعد رفض أكثر من 61 فى المائة من اليونانيين الاتفاق المعروض على اليونان لتسوية أزمة الديون.
وخلال لقاءاته مع عدد من قادة دول الاتحاد الأوروبى أصر تسيبراس على عدم ارتداء ربطات عنق فى إشارة لتعهداته التى قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية بتخفيف إجراءات التقشف الاقتصادى التى يطالب بها الاتحاد الأوروبى.
ورغم أن منتقدى تسيبراس يرون أن وعوده ليست مصممة من أجل أمة فقيرة وتعانى من الديون كاليونان فإن مؤيديه يقولون إنه يضع مصالح المواطنين قبل أى شىء آخر.
وخلال حفل تنصيبه رفض تسيبراس أداء القسم الدستورى لما فيه من شق دينى، وقال إن ذلك يخالف مبادئه الإلحادية.
ولا يمكن أن يتجاهل أحد كيفية وصول حزب سيريزا اليسارى بقيادة تسيبراس للسلطة بعد فشل عدة حكومات أخرى فى فترة قصيرة فى تلبية احتياجات اليونانيين الراغبين فى تخفيف إجراءات التقشف المالى.
ولد تسيبراس فى العاصمة أثينا بعد أيام من سقوط الطغمة العسكرية التى كانت تحكم البلاد عام 1974 وهى الفترة التى شهدت انقسامات كبيرة بين اليونانيين.
ولم تكن السياسة من بين اهتمامات أسرة تسيبراس ولا هو نفسه فى بداية حياته حيث نشأ فى حى مجاور لنادى باناثينايكوس الشهير وارتبط بتشجيع فريق كرة القدم واستمر فى ذلك حتى الآن.
وبدأ نشاط تسيبراس السياسى عندما كان طالباً فى المرحلة الثانوية، حيث قاد زملاءه فى موجة احتجاج ضد سياسات اليمين التعليمية.
وطالبت الحركة الطلابية حينها بحرية حضور أو عدم حضور الحصص المدرسية فى المدارس.
وعام 2001 قيل إن تسيبراس سافر لجنوة الإيطالية ليشارك فى الاحتجاجات التى نظمها رافضو توجهات قمة الدول الكبرى الثمانى حينها والتى وقعت خلالها اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة الإيطالية.
وفى عام 2006 رشح حزب سيريزا تسيبراس فى الانتخابات المحلية لمنصب عمدة العاصمة أثينا، حيث طاف أرجاء المدينة للدعاية لنفسة وتوطيد علاقته بالناخبين، كما جاء على موقع «بى بى سى» العربية.
يقول الأستاذ محمد حمامة: «ولا حتى خطوة واحدة إلى الوراء»، كان هذا هو الشعار المرفوع على آلاف اللافتات التى طبعها الحزب اليسارى اليونانى «سيريزا» فى يناير 2009. كانت الشوارع فى أثينا ومدن أخرى غيرها متوترة للغاية، بعد قيام اثنين من رجال الشرطة بقتل مراهق عمره 15 عاماً قبل شهر لتنفجر اﻷوضاع بعدها. داخل البرلمان، أدانت معظم اﻷحزاب السياسية مظاهرات الشباب. الحزب الشيوعى اليونانى مثلاً وصف الشباب بـ«المحرضين أصحاب اﻷقنعة السوداء»، وتصاعد الضغط على جميع اﻷطراف السياسية من أجل «إدانة العنف» و«الحفاظ على الاستقرار».
فقط «سيريزا» كان هو الحزب الوحيد الذى لم يوافق على إدانة مظاهرات الشباب. على العكس، قرر دعوة الطلاب والشباب للاستمرار فى التعبير عن آرائهم.
لم يكن تغريد حزب «سيريزا» خارج السرب السياسى العام ووقوفه بجوار انتفاضة الشباب أمراً سهلاً. نتيجة لموقفه، تصاعدت الضغوط على الحزب بشدة، وتعرض لحملة سياسية وإعلامية هائلة، مفادها أن «صانعى المشاكل» اليساريين يغامرون باستقرار البلد وسلامته من أجل دعم مجموعة من الشباب المارقين. وبسبب مواقفه، تأثرت نسب شعبيته، وتعالت بعض اﻷصوات -حتى من بعض التيارات داخل الحزب نفسه- بأن الدعم المطلق غير المشروط لمظاهرات الشباب قد يأتى بآثار عكسية.
بالأمس القريب قال اليونانيون «لا» لبرنامج التقشف المفروض من الاتحاد الأوروبى بما يعنى أن اليونان إما ستحارب وحدها خارج الاتحاد الأوروبى أو أن قادة الاتحاد الأوروبى سيخضعون لإرادة الشعب اليونانى وللقائد الشاب: تسيبراس.