أيهما أهم التراويح أم النظافة

أيهما أهم: التراويح أم النظافة؟

المغرب اليوم -

أيهما أهم التراويح أم النظافة

معتز بالله عبد الفتاح

من أعظم ما فى الشهر الفضيل، هو صلاة التراويح، والأروع منها عندى صلاة المرء منفرداً فى جوف الليل ومناجاة خالقه دون أن يكون معه أو يعلم به أحد.

ولكن سؤالى: لماذا حين أذهب إلى المسجد أضطر لأن أخترق مساحات من القمامة المنتشرة حول المسجد وأحياناً فى مدخله؟

هل نعلم أن النظافة فرض، وأن صلاة التراويح نافلة؟

يعنى كأننا نهتم بصلاة «سنة الظهر» أكثر من اهتمامنا بصلاة الظهر نفسها؟

قلت من قبل إن من أمراضنا الأخلاقية والاجتماعية أننا شعوب تحكم على الأمور بمعايير مختلفة، أحدها، وهو المعيار الحقيقى، الهوى الشخصى والمصلحة الذاتية، لكن أمام الناس نقول كلاماً للوجاهة الاجتماعية أو المكاسب الاقتصادية أو المصالح السياسية. نقول ما لا نفعل إلا إذا خشينا الفضيحة، ونفعل ما لا نقول إلا إذا كانت هناك مصلحة. من عاش خارج منطقتنا العربية قليلاً يكتشف أن الفجوة بين الفعل والقول عند أبناء المجتمعات الأخرى وتعدد الأقوال وتعدد الأفعال ليس بنفس الحجم الموجود فى منطقتنا، لدينا فائض نفاق يظهر فى أحاديثنا ومواقفنا.

كتب المفكر المغربى سعيد ناشيد عن مظاهر النفاق التى نعيشها قائلاً:

ليس هناك من نفاق أسوأ ولا أدنى من أن تطالب بتطبيق الشريعة فى بلدك ثم تهاجر للعيش فى بلد علمانى. ليس هناك من نفاق أوقح ولا أقبح من أن تطالب بزيادة مواد الإسلام فى المنهج المدرسى ثم تسجل أبناءك فى إحدى مدارس البعثة الفرنسية أو الأمريكية. ليس هناك من نفاق أبشع ولا أشنع من أن تدخل المسجد لتدعو على الكفار بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم تخرج منه لتطلب المعونات من الكنيسة. ليس هناك من نفاق أصغر ولا أحقر من أن تشتم أمريكا وتحرق العلم الأمريكى فى كل مناسبة أو دون مناسبة ثم تقف فى طابور سفاراتها أو قنصليتها لأجل الحصول على التأشيرة.

ما النفاق؟

النفاق هو أن تبتهج بوجود مساجد كبرى وفاخرة فى قلب نيويورك ولندن وباريس، أو تبتهج بمشهد شاب غربى يردد الشهادتين ولو بصعوبة خلف شيخ فى مسجد من عواصم الغرب، لكنك فى الأول وفى الأخير تعتبر ذلك انتصاراً للإسلام ولا تراه انتصاراً لقيم حقوق الإنسان وللحريات الفردية والحريات الدينية داخل الحضارة الغربية، بل تقيم الدنيا إذا علمتَ أنّ قسّاً قام بتعميد مسلم واحد ولو داخل الفاتيكان، وتظنّ ذلك مؤامرة ضدّ الإسلام والمسلمين!

النفاق هو ألا تكترث لفساد الرّشوة، وفساد جهاز القضاء، وفساد التهرّب الضريبى، وفساد تبييض الأموال، وفساد الغش فى السلع، وفساد مافيات المخدرات والميليشيات الجهادية وتهريب الأسلحة، ثم ترى الفساد كل الفساد فى مجرّد تنورة أو سروال قصير أو قبلة فى لوحة إشهارية.

النفاق هو أن تعلَم علم اليقين وبالأرقام بأنّ المجتمعات الأكثر تديناً فى العالم هى أيضاً الأكثر فساداً فى الإدارة، والأكثر ارتشاءً فى القضاء، والأكثر كذباً فى السياسة، والأكثر هدراً للحقوق، والأكثر تحرّشاً بالنساء، والأكثر اعتداءً على الأطفال، ثم تقول للناس: إنّ سبب فساد الأخلاق هو نقص الدين. فياللوقاحة!

النفاق هو أن تشعل الفتنة الطائفية فى العراق وسوريا وباكستان، وتوقظ الحرب القبلية فى ليبيا واليمن وأفغانستان.. ثم تقول إنك تقاتل من أجل وحدة المسلمين. فياللمصيبة!

النفاق هو أن تعتبر كل نساء الأرض ناقصات عقل ودين، وعورات، وحبائل الشيطان، وحطب جهنم، إلا أمّك فإنّ الجنة تحت أقدامها!

النفاق هو الجحيم. لهذا، (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) صدق الله العظيم.

انتهى كلام الرجل، ولنسأل أنفسنا: هل نحن منافقون؟ وهل يمكن أن ينتصر المنافق فى أفكاره وسلوكه حتى لو انتمى للإسلام على المخلص فى أفكاره وسلوكه حتى لو كان غير مسلم؟

مش هيحصل.

طيب، وبعدين؟

لو كان الأمر بيدى لعملت حملة إعلامية ودينية وتثقيفية وتربوية كبيرة لمدة سنة على كل القنوات والمنابر تناقش هذه القضية وتوضح مخاطر حالة النفاق الفردى والجماعى التى نعيشها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيهما أهم التراويح أم النظافة أيهما أهم التراويح أم النظافة



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib