مصر والعرب الآن 2  4

مصر والعرب الآن (2 - 4)

المغرب اليوم -

مصر والعرب الآن 2  4

عمار علي حسن

وهذا التواشج بين الضغوط الداخلية النابعة من ثورة التطلعات، والخارجية المنحدرة من الظروف الصعبة التى تمر بها بلدان عربية عدة، جعل النخبة السياسية والفكرية فى مصر تفكر فى سبيل مختلف لإخراج البلاد من شقى الرحى، يتوزع على مسارين فى الغالب الأعم هما:

1- ضرورة الانكفاء نسبياً على الذات، أو على الأقل إعطاء الأوضاع المحلية أولوية الاهتمام فى الوقت الراهن، والابتعاد بالبلاد عن حافة السقوط فى الاضطراب المستمر الذى وقعت فيه بلدان عربية أخرى مثل سوريا وليبيا واليمن.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن تحقيق ذلك الهدف لن يتم إلا بالتفاف الشعب خلف القوات المسلحة والشرطة فى مواجهتهما للإرهاب، ومنعه من أن يؤدى إلى إفقاد الدولة لتماسكها. كما أنهم يميلون إلى الاعتقاد فى أن الظروف القاسية التى تمر بها الدول العربية المضطربة ستستغرق وقتاً، وتدخل مصر فيها، أياً كان أسلوبه أو طريقته، لن يؤتى ثماراً سريعة، ويجب ألا تضيع القاهرة وقتاً يجب أن تخصصه لتحصين نفسها ضد ما جرى فى هذه الدول.

2- ضرورة ألا تتخلى مصر عن دورها الإقليمى وتساعد الدول العربية الواقعة فى اضطراب على عبور ظروفها القاسية والخروج منها بأى شكل، لأن بقاء هذه الظروف قائمة له ارتداد حتمى على المصلحة الوطنية أو الأمن القومى المصرى، شاء المصريون أم أبوا، خاصة مع الامتداد الإقليمى للجماعات والتنظيمات الإرهابية، التى تهدد الجميع بلا استثناء، وإن تمكنت من ترسيخ أوضاعها فى سوريا وليبيا واليمن فإن ضررها سيبلغ مصر لا محالة. كما أن الحرب الاستباقية ضد الإرهاب يجب ألا تقتصر على الأرض المصرية، بل تمتد إلى العالم العربى برمته، بغض النظر عن الوسيلة التى يمكن أن تتراوح بين المساعدة فى تقديم المعلومات أو طرح الحل السياسى وصولاً إلى تدريب الجيش الوطنى، مثلما يحدث مع الجيش الليبى حالياً، أو حتى التدخل العسكرى الذى إن بدا صعباً فإن احتمالاته واردة، وقد عبّر عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى أيام ترشحه للانتخابات بعبارته البسيطة: «مسافة السكة».

ويؤمن أصحاب هذا الاتجاه بأنه لا تعارض مطلقاً بين اهتمام مصر بأوضاعها الداخلية وبين انشغالها بالوضع العربى العام، بحكم الدور أو الوظيفة الإقليمية التقليدية لها، التى اختلفت درجاتها لكنها لم تختف تماماً فى أى وقت من الأوقات، أو بحكم ما تنتظره شعوب وأنظمة عربية من بلد بدا مستعصياً على الانزلاق إلى حرب أهلية أو اقتتال أهلى وفوضى عارمة حين هزته ثورتان.

لكن ما يحقق الخيار الذى ستنحاز إليه مصر فى خاتمة المطاف ليس التفكير النظرى المجرد، وليس استقراء معطيات التاريخ القريب فقط، إنما ما تفرضه حسابات المصالح المصرية حتى على التيار الانعزالى الذى له جذور فى الحياة السياسية والاجتماعية، وإن كان هو الأضعف وجوداً قياساً بالتيار القومى العروبى أو الأممى الإسلامى.

"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر والعرب الآن 2  4 مصر والعرب الآن 2  4



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib