ثورة يناير وميراث يوليو
منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد الشرطة البرازيلية تعتقل خمسة أشخاص متورطين في محاولة انقلاب خططوا فيها لقتل الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونائبه جيش الاحتلال يُفيد بإصابة نحو 11 جندياً إسرائيلياً في معارك جنوب لبنان خلال 24 ساعة فقط استشهاد أكثر من 43970 فلسطينيًا وإصابة 104,008 آخرين منذ أن شنت إسرائيل حربها على غزة منذ السابع من أكتوبر استقالة رئيس أبخازيا أصلان بجانيا بعد احتجاجات ضد اتفاقية استثمارية مع روسيا السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر
أخر الأخبار

ثورة يناير وميراث يوليو

المغرب اليوم -

ثورة يناير وميراث يوليو

عمار علي حسن

كانت حركة الضباط المصريين الأحرار فى يوليو عام 1952 ثورة لكل العرب، إذ فتحت نوافذهم على الاستقلال، وصنعت لهم إطاراً سياسياً لعقدين آخرين من الزمن الزاهر، فتجاوزت بهذا الجدل حول ما إذا كانت «ثورة» أم «انقلاباً» أم «انقلاباً ثورياً»، لكنها حملت فى طموحها المندفع بذور انقضائها السريع.

وللوهلة الأولى لا يستطيع أحد أن ينكر أن الثورة أحدثت تحولات اجتماعية فارقة فى مصر، أعيدت على إثرها صياغة التركيبة الطبقية، وعناصر البيروقراطية، ونشأت فئة من التكنوقراط الجدد، فى ظل اتجاه إلى تعميق التصنيع وزيادة الغلة الزراعية وتنظيمها عبر مشروع السد العالى العملاق، بالتزامن مع بناء ركائز أخرى للقوة، منها العسكرى والعلمى.

وليس بوسع أحد أن يتجاهل أن ضباط يوليو تمكنوا من نيل إعجاب الغالبية الساحقة من الجماهير، فى إقدامهم على تلك الخطوة الشجاعة التى جبنت وقتها قوى أكبر منهم بكثير أن تقوم بها، وفى نبل الشعارات العامة التى رفعوها فى بداية الطريق، وفى تجرد القيادة السياسية ونزاهتها وطهارة يدها ووطنيتها وخيالها السياسى الطموح، الذى أراد مصر مستقلة لا تابعة، حرة لا مستعمرة، صاحبة دور إقليمى وعالمى لا منكفئة على ذاتها فى انعزال ممقوت.

إلا أن هذا «العدل الاجتماعى» النسبى، وذلك الدور الخارجى الكبير تمت مقايضته بالحرية السياسية، أو الديمقراطية، أو «العدل السياسى» بجوار «العدل الاجتماعى»، وهى مسألة ثبت خطؤها التاريخى، وقادت فى خاتمة المطاف إلى إزاحة ما حققته «الثورة» من عدل بقرار فوقى سريع، تم اتخاذه بعد رحيل عبدالناصر بأربع سنوات فحسب، وهو قرار الانفتاح الاقتصادى، الذى بدا الآن «حقاً أريد به باطل»، فأدى بعد سنوات من تطبيقه إلى إلقاء مصر فى فلك التبعية الاقتصادية الكاملة، والتبعية السياسية الجزئية.

وقبل اندلاع ثورة 25 يناير العظيمة بدت الإنجازات الاجتماعية الكبيرة والقومية المخلصة الطموحة لثورة يوليو تذوى ويختنق زخمها الثقافى الفياض مع اتساع رقعة التهميش الطبقى وانحسار الدور الخارجى أو انكساره وصعود فكر الاستهلاك وقيمه المفرطة فى الأنانية وتقديم المعدة على الدماغ والشهوة على الكرامة، وشيوع حالة من الميوعة والترهل والفساد لتصيب المؤسسات بمختلف ألوانها واهتماماتها وتفاوت تواريخ نشأتها وأهميتها وموقعها من عمليات التفاعل الاجتماعى والسياسى والنشاط الاقتصادى والمالى والرؤى الثقافية والتصورات والاعتقادات الدينية، وتصبح هذه المؤسسات، التى تمثل جسم الدولة، فى خاتمة المطاف، لا تعدو عن كونها «تكايا»، لمن يعتلونها من كبار الموظفين، الذين حلوا بأعجوبة محل «الباشوات» القدامى، بل إنهم «سوبر باشاوات»، لأنهم ينهبون الكثير من دون بذل أى جهد، ولا حيازة أى جدارة.

لم يبقَ من ثورة يوليو سوى «ميراث الاستبداد»، الذى دفع المصريون ثمناً غالياً من أجل القضاء عليه من خلال حركتهم الفتية الرامية إلى الإصلاح السياسى، المفعمة بحنين جارف إلى زمن الليبرالية المصرية. ولتحويل طاقة الحنين إلى حقيقة جلية يبذل قادة الإصلاح جهداً فائقاً من أجل علاج الخوف التاريخى الذى بثته أجهزة الأمن والاستخبارات فى الخمسينات والستينات فى قلوب المصريين. وعلى التوازى يبذل المؤرخون ما فى وسعهم فى سبيل إعادة الاعتبار لتاريخ ما قبل الثورة، التى أطلق عليه الضباط اسم «العهد البائد» وألصقوا به تهماً فاضحة، واعتبروه زمناً أسود، ليس فيه إلا الشر والضعف والهوان. وفى الوقت نفسه يحاول الباحثون الثقاة أن يجيبوا على تساؤل مهم مفاده: هل حققت بلادنا نعمة الاستقلال؟

الأفضل أن نطوى صفحة يوليو بحلوها ومرها، ونستعيدها فقط لنحصد العبر، والأهم الآن هو أن نطرح السؤال التالى: هل ثورة يناير الشعبية قامت لتنهى ميراث «يوليو» فى شقه الاستبدادى وتستعيده فى شقه الخاص بالدولة القائدة النازعة إلى التنمية واستقلال القرار الوطنى؟

فى الحقيقة تبدو الإجابة على هذا التساؤل معقدة رغم ما يبدو للمتعجلين من أنها يسيرة. فالطليعة الثورية نزلت لتطالب بدولة «الحرية والكرامة والعدل الاجتماعى» بمعنى أنها إن كانت قد طلبت عدلاً اجتماعياً مثلما ذهب ضباط يوليو فإنها لن تقايض هذا بالحرية أبداً. على الجانب الآخر هناك التيار الدينى الذى نظر إلى الثورة باعتبارها فرصة سانحة لتحقيق مشروعه الأممى الذى انتظره طويلاً، وسعى فى الطريق إلى الانتقام من ميراث «يوليو» الذى خاصمته. وبين الجانبين هناك المؤسسة العسكرية التى نظرت إلى الثورة باعتبارها انتفاضة ضد التوريث أبقت جوهر السلطة فى يد العسكريين ليستمروا فيها.

كل هؤلاء يعيشون فى الماضى، وإن كان «الماضى المستمر» بالمعنى اللغوى، لكن المستقبل هو بالطبع لشباب يؤمن بأن من يضحى بحريته من أجل تأمينه ضد الجوع والخوف لا يستحق أمناً ولا حرية، ويتمسك بإصلاح وتغيير جذرى فى اتجاه الحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة، ولن ينفك حتى ينال ما طلب، وما دفع من أجله ثمناً باهظاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة يناير وميراث يوليو ثورة يناير وميراث يوليو



GMT 16:03 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 16:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 15:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

GMT 15:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خليط من الأحاسيس

GMT 15:49 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى مشرفة

GMT 15:45 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فوكوياما وترامب!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح مثقفا!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:38 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود
المغرب اليوم - حزب الله يعلن مهاجمة قاعدتين إسرائيليتين وتجمعات للجنود

GMT 10:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
المغرب اليوم - شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية

GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 16:14 2016 الإثنين ,22 شباط / فبراير

انتحار شاب "30عامًا" في جماعة قرية اركمان

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

تصميم فندق على هيئة آلة جيتار في أميركا

GMT 04:24 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مصر تقترب من تحديد موقع مقبرة زوجة توت عنخ آمون

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

تنظيم حملة للتبرع بالدم في جرسيف

GMT 06:27 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

ساندرا تشوي تبحث أحدث صيحات الموضة مع "جيمي تشو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib