الإخوان والرأسمالية المتوضئة 4

الإخوان و"الرأسمالية المتوضئة" (4)

المغرب اليوم -

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 4

عمار علي حسن

أيام المحنة كان ينظر إلى الإخوانى المتقدم فى مراتب الجماعة باعتباره الأكثر استعداداً للتضحية، نظراً لأن النظام كان يستهدف الكبار فى سبيل تعويق تقدم الإخوان إلى الأمام فى الحياة السياسية والاجتماعية. ولذا كان ينظر إلى ما لدى هؤلاء من إمكانيات مادية بوصفه تعويضاً عن الثمن الذى يدفعونه من حريتهم وحياة أسرهم. لكن بعد وصول الإخوان إلى السلطة سيختلف الأمر تماماً، إذ إن التقدم هذا سيمنح صاحبه مزايا دون أن تقع على عاتقه أية أعباء أو يدفع أى ثمن. ومن ثم سيحدث تزاحم حول المنافع بمرور الوقت، لاسيما بين القيادات العليا للجماعة، وهى حالة تجرى الآن فى الخفاء وفى صمت أو بأنين مكتوم، لن يلبث أن يعلو ويصير صراخاً. وهذه الأوضاع الطبقية المختلة، تلقى إنكاراً على المستوى النظرى من جماعة تزعم دوماً أن مثل هذه المسألة لا تعنيها، وأن العلاقات بين أفرادها قائمة على التواد والاحترام والأخوة متكئة فى تبريرها هذا إلى نصوص قرآنية ونبوية أو ما خلفه مؤسسها حسن البنا من تعاليم ووصايا، لكن الواقع يتجاوز هذا الكلام اللطيف البراق، لتجد شخصيات كبرى فى الجماعة تنظر إلى ما لدى إخوانهم من إمكانيات مادية، وتشكو من التمييز الحاصل، وتعزوه إلى رضا من بيده أموال الجماعة عن البعض وغضبه على آخرين، علاوة على شراء الولاءات، وهى مسألة من المرجح أن تزداد فى السنوات المقبلة مع تنافس قادة الجماعة على المناصب والنفوذ داخل الدولة، وكذلك على إدارة الثروة، بطريق رأسمالى بحت يجعل النجاح قريناً بتعظيم الربح لا بالاستجابة لحد الكفاية، أو التصرف وفق القاعدة الذهبية التى تقول «المال مال الله». وينعكس هذا التمييز الطبقى على قسم الأخوات، إذ إن زوجات أصحاب المال داخل الجماعة لهن وضع خاص، يتعزز إن كان الزوج أيضاً له مكانة متقدمة فى هيراركية الجماعة، كأن يكون عضواً بمكتب الإرشاد أو مجلس الشورى. وفى الحقيقة فإن تجربة الإخوان الاقتصادية لن تعدو أن تكون مجرد تجميل الرأسمالية الغربية بمساحيق فقهية، سيطلق عليها زوراً وبهتاناً أنها الرؤية الاقتصادية للإسلام، من زاوية «الاستمتاع بزينة الدنيا» و«التحدث بالنعمة» و«حق التملك الخاص» ليبقى للفقراء مجرد صدقات وليست حقوقاً، دون اعتناء بضرورة توافر حد الكفاية أولاً، لأن «الفقر كاد أن يكون كفراً» ولأن «ليس منا من بات شبعاناً وجاره جائع وهو يعلم» كما يقول الرسول الكريم. وسيمضى الإخوان فى سياسات اقتصادية مطابقة لتلك التى كان ينتهجها نظام مبارك، حيث تمييز القلة المحتكرة، وتشجيع الاقتصاد الترفى، والاقتراض من المؤسسات الدولية. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والرأسمالية المتوضئة 4 الإخوان والرأسمالية المتوضئة 4



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib