الجيش والإخوان ما كان وما يجرى 12

الجيش والإخوان.. ما كان وما يجرى (1-2)

المغرب اليوم -

الجيش والإخوان ما كان وما يجرى 12

عمار علي حسن

لا يمكن للإخوان أن ينسوا تجربتهم التاريخية مع الجيش، تلك التى رسمت معالمها «ثورة يوليو»، التى بدأت انقلاباً عسكرياً، باركه الإخوان وساندوه ثم تحولت إلى ثورة بفعل قرارات اجتماعية وسياسية واقتصادية مشهودة من قِبل الضباط لا علاقة لها برؤية الإخوان ولا مسلكهم ولا رغبتهم وقتها، حيث تمنوا أن يظل «الانقلابيون» بلا أى ظهير اجتماعى غير الإخوان، فتتمكن الجماعة من فرض شروطها عليهم، وتوجههم نحو أهدافها هى ومشروعها الخاص، ظناً منها أن تلك هى لحظة التمكين التى صنعتها الأقدار بعد اغتيال مؤسسها حسن البنا فى فبراير عام 1949. تقدم «عبدالناصر» خطوات واتخذ قرارات تاريخية وأطلق مشروعات وفق رؤية تنحاز إلى الفقراء والمطحونين والمهمشين، بعيداً عن مشروع الإخوان الرأسمالى، فأوجد لـ«حركة الضباط» قاعدة شعبية عريضة، مكنته من أن يحسم أمره حيال الجماعة، بعد أن تورطت فى محاولة اغتياله فى المنشية بالإسكندرية، لتبدأ «المحنة»، وفق المصطلح الإخوانى المرير، وتحل هيبة الجيش فى قلوب رجال الجماعة، وتنغلق عليها أسراره بعد أن كانت قد وضعت فيه قدماً لها، وتصاب بمرور الوقت بالتردد والخوف، وتعتقد أنها لا قِبل لها بالمؤسسة العسكرية التى ظلت تمثل الجوهر الأصيل للحكم حتى قيام ثورة يناير. وأتذكر جيداً أننى كنت مشاركاً فى ندوة عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عام 2008 وكان يحضرها عدد من قيادات جماعة الإخوان، من بين الأعضاء الثمانية والثمانين الذين دخلوا إلى البرلمان فى انتخابات 2005، ويومها قلت: «مجلس الشعب المقبل سيكون بلا إخوان، لأنه البرلمان الذى يعدونه من أجل تمرير التوريث»، وهو ما حدث بالفعل فى انتخابات 2010، التى تم تزويرها بالكامل وبطريقة فجة ومستفزة. وعلى الهامش سألنى اثنان منهم: ما العمل؟ فقلت لهما مداعباً: اعملوا ثورة. فما كان منهما إلا أن ضحكا معاً وقال أحدهما باندهاش: ثورة مرة واحدة. فقلت: أعرف أن لفظ ثورة ليس وارداً فى أفكاركم، لكن ما أعرفه أنه لو نزل مائة ألف مصرى إلى شارع قصر العينى وصمدوا ست ساعات لأسقطوا مبارك؟ فابتسم وهز رأسه متسائلاً: وتريدنا نحن أن نفعل ذلك؟ فأجبته: أنا أتحدث عن كل المصريين لكنكم الآن الفصيل الوحيد فى الساحة السياسية الذى يمتلك القدرة على الحشد، وربما هذا يجعل مسئوليتكم مضاعفة. فكر برهة وقال: المشكلة بالنسبة لنا ليست فى الشرطة، فهذه ألفنا التعامل معها واعتدنا طبعها، لكن المشكلة فى الجيش، الذى ينتمى إليه «مبارك»، والذى سيدافع عنه باستماتة، ويسحقنا. هكذا كانت الصورة التى توارثتها أجيال الإخوان المتعاقبة عن الجيش وموقفه وإمكاناته وصرامة دفاعه عن الحكم، وظلت تجربة الخمسينات والستينات تُقرأ بإفراط داخل صفوف الجماعة، بعد أن تم تضخيمها بشكل مروع فى إطار الدعاية السياسية المضادة لنظام «عبدالناصر»، والرغبة الدفينة فى الانتقام منه. ولذا ظل كل من يطالع كتاب «أيام من حياتى» لـ«زينب الغزالى»، أو «الإخوان فى سجون عبدالناصر» لـ«جابر رزق» وغيرهما، لا يمكنه أن يتجنب تلك الأهوال التى تتسرب إلى صدره، وتستقر فى اللاشعور، وتجعله موقناً بصعوبة، بل استحالة، مواجهة هذا الكيان المسلح، لا سيما بعد أن حاز عناصر أخرى للقوة بعيداً عن البنادق والرصاص، وراح يستعملها بمهارة مناسبة جعلت له فى الوضع الداخلى موقعاً عريضاً، لا يمكن لمن فى الحكم أو حتى فى المعارضة أن يتجاهله. لكن السؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح فى هذا المقام: هل فقط التجربة التاريخية القاسية هى التى جعلت جماعة الإخوان تتهيب الجيش؟ أم إن هناك عناصر أخرى مستجدة ومستمرة، عززت هذه المهابة بمرور الأيام إلى أن وصلنا إلى ثورة يناير 2011؟ (الإجابة فى مقال الغد إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجيش والإخوان ما كان وما يجرى 12 الجيش والإخوان ما كان وما يجرى 12



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib