الفكر الإسلامى والعلمانية 1
منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتهاالطبية في القطاع الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد الشرطة البرازيلية تعتقل خمسة أشخاص متورطين في محاولة انقلاب خططوا فيها لقتل الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونائبه جيش الاحتلال يُفيد بإصابة نحو 11 جندياً إسرائيلياً في معارك جنوب لبنان خلال 24 ساعة فقط استشهاد أكثر من 43970 فلسطينيًا وإصابة 104,008 آخرين منذ أن شنت إسرائيل حربها على غزة منذ السابع من أكتوبر استقالة رئيس أبخازيا أصلان بجانيا بعد احتجاجات ضد اتفاقية استثمارية مع روسيا السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله افتتاح الملعب الكبير للحسيمة ويحتضن أولى مبارياته اليوم الاثنين بين منتخبيْ جزر القمر ومدغشقر
أخر الأخبار

الفكر الإسلامى والعلمانية (1)

المغرب اليوم -

الفكر الإسلامى والعلمانية 1

عمار علي حسن

يتصور المتعجلون والمغرضون، على حد سواء، أن الفكر الإسلامى والعلمانية طريقان لا تلتقيان أبداً، لا فى الفكر ولا فى الواقع المعيش، ويروّجون لمقولات نمطية جامدة عن تبادل الكراهية بين الاثنين، وعن صراع ظاهر وباطن بينهما، يعرضونه فى صيغة «معادلة صفرية»؛ فإما هذا أو ذاك، ولا جمع أو تقريب يضيق الهوة فى الفكر والممارسة بين ما هو «إسلامى» وما هو «علمانى». لكننا لو أمعنا النظر، بروية وتجرد ونزاهة، سنجد أن الأبواب مفتوحة بين «الفكر السياسى الإسلامى» و«العلمانية» فى طورها الجزئى، الذى يقوم على معادلة مفادها أن «فصل الدين عن السلطة ضرورة، لكن فصله عن المجتمع جريمة»، وليس فى طورها الكلى الذى يحاول إقصاء الدين عن الحياة تماماً. فعند هذا الحد يمكن للطرفين أن يتقابلا، وللطريقين أن تلتقيا، على عدة أسس، لا ينكرها إلا جاهل أو متنطع أو متسرع لا يمعن النظر فى الحقائق، أو متهرب من مواجهة الواقع. وأول هذه الأسس أن الإسلام ليس ديناً روحانياً خالصاً، بل يزاوج بين المادة والروح فى توازن وتعادلية جلية، والمادة مناط العلمانية، ومحور وضعيتها المنطقية التى لا تؤمن إلا بما هو محسوس وملموس، حتى لو كانت الأخيرة قاصرة عن تحقيق الامتلاء الروحى والإيمان بالغيب الذى يكمن فى الإسلام والأديان عامة. لكن الفارق أن الإسلام لا يقف عند حد هذه المادية بل يتجاوزها إلى الحدسى والروحى، ويتحدث عن «المعرفة اللدنية» التى لا تأتى من الحواس الخمس بل يلقيها الله سبحانه وتعالى فى قلوب عباده، وهو الذى علّم الإنسان ما لم يعلم، ويتحدث الإسلام أيضاً عن تزكية زينة الروح إلى جانب حضّه على زينة الجسد. وثانيها أن الإسلام لا يعارض «دنيوية» العلمانية، لأنه لا يلغى الدنيا لحساب الآخرة، إذ يقول القرآن الكريم: «وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا». ويطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من المسلمين أن يجدّوا ويعملوا إلى آخر لحظة فى حياتهم: «إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها»، ويقول: «فضل العامل على العابد كفضلى على سائر الناس». والدنيا فى الإسلام هى الطريق إلى الآخرة، وبالتالى فإنه يحترمها، ويقدم ما يؤدى إلى العيش فيها بقوة وسلام يحقق للإنسان إنسانيته التى خلقه الله عليها، بوصفه خليفته فى الأرض، وكونه كائناً مختلفاً عن الملائكة والجان والشياطين. أما الأساس الثالث فهو أن الإسلام لا يعرف «الكهنوت» ولا يضفى أى قداسة على بشر مهما علت مكانتهم، ويجعل العلاقة بين الإنسان وربه مباشرة، لا وسطاء فيها ولا أوصياء عليها. وإذا كانت العلمانية قد قامت على محاربة هذه الوساطة، حين أساء رجال الكنيسة فى أوروبا استخدامها لحساب السلطة الزمنية، فإن الإسلام من قبلها قد حاربها، وانتصر فى «نصه» لهذا، وإن كانت الممارسة قد شابتها نقائص وعيوب من استغلال الإسلام لحساب الحكم، أو تحوُّل بعض الفقهاء إلى سلطة فوق عقول الناس وأحوالهم ومصالحهم، أو ظهور طبقة «رجال دين» تسعى إلى احتكار إنتاج الرأى الدينى. والأساس الرابع هو أن الإسلام جعل من «التفكير فريضة»، إذ إن أول كلمة فى كتابه المؤسس (القرآن الكريم) هى «اقرأ»، وهناك عشرات الآيات فى القرآن الكريم التى تدعو إلى التفكر والتدبر فى خلق الله كافة ونفس الإنسان وأغوارها خصوصاً. وبالتالى فإن الإسلام فى هذه الناحية لا يتعارض مع مطالبة العلمانية بإعمال العقل، وطلب العلم، لكنه يرفض المغالاة فى الاعتماد عليه بحيث لا يصبح لا سلطان إلا سلطانه، أو يصير إلهاً يُعبد من دون الله، أو يتوهم أن بوسعه أن يستغنى عن رسالة السماء، بدعوى أنه قادر لوحده أن يميز الحسن من القبيح، والخبيث من الطيب. ففى حقيقة الأمر فإن هذا التمييز يبقى مسألة نسبية، تخضع لاعتبارات معقدة تخص كل فرد على حدة، ومن ثم فإن ما يراه «عمرو» صواباً قد يراه «زيد» خطأ. أما رسالة السماء فإنها تضع إطاراً جامعاً مانعاً وقاطعاً للحكم على الأشياء والأفعال، وهو حكم يسرى على الجميع، ويقوم على قاعدة أن «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات». أما الأساس الخامس فهو إقرار الإسلام بأن الحكمة، القائمة على العقل والعلم والفهم وإدراك روح الإسلام ومقاصده وقيمه، جزء أصيل من أفكاره وتشريعاته؛ إذ يقول الرسول: «الحكمة ضالة المؤمن فأنى وجدها فهو أولى بها». وبعض ما تطرحه «العلمانية الجزئية» يقع تحت طائلة الحكمة، لأن فيه ما يساعد العقل على التفكير، وما يقى الدين من أن يتحول إلى أيديولوجية سياسية، أو إلى سلطة حاكمة مصابة بكل عيوب وثقوب السلطة فى كل زمان ومكان. والأساس السادس ينبثق من مقاصد الشريعة ذاتها، التى تجعل «حفظ النفس» مقدماً على «حفظ الدين» حسبما اتفق الفقهاء، أو هذا الذى ذهب إليه الإمام الطوفى حين قدم «المصلحة» على «النص» فى كثير من الأحيان. وحفظ النفس يعنى ببساطة الانتصار لحياة الإنسان وحرمة واحتياجات جسده. وحفظ النفس فى بلادنا حالياً يتطلب برنامجاً لمكافحة الفقر والمرض والجهل، وهذا هو جوهر الشرع الذى نريده الآن. عند هذا الحد نجد أن الإسلام يستوعب العلمانية الجزئية، أو الأطوار الدنيا من العلمانية، التى تنتمى إليها الأغلبية الكاسحة من العلمانيين العرب، بل لدى الإسلام ما يجعله غنياً عن كثير من أطروحاتها ومراميها، ويعارض فقط العلمانية الشاملة التى تسعى إلى إقصاء الدين خارج الحياة قاطبة، والعلمانية الإلحادية التى تتوهم موت الإله أو نسيانه للعالم. لكن من أسف فإن الكثيرين من الكتاب والفقهاء الإسلاميين الجدد يخلطون الحابل بالنابل، ويتعاملون مع العلمانية على اختلاف درجاتها وألوانها باعتبارها شيئاً واحداً إلحادياً وكريهاً، مع أن القوى السياسية التى تتخذ من الإسلام أيديولوجية لها تتعاطى العلمانية دون أن تدرى. فالسلفيون فى مصر سارعوا عقب ثورة يناير إلى إنشاء أحزاب سياسية، ويتحدثون عن الديمقراطية، ويتنافسون على مقاعد البرلمان، مع أن الفقه الذى يتمسكون به يتحدث عن الفرق وليس الأحزاب، والبيعة وليس الانتخاب، وأهل الحل والعقد وليس البرلمان، والشورى وليس الديمقراطية. وكل هذا ابن المشروع السياسى الغربى العلمانى. وليس معنى هذا أن الإسلام بعمومه ليس بوسعه أن يتطور فى الواقع، بل على النقيض من هذا تماماً، فالنص القرآنى ببعده عن التفاصيل وتركيزه على المبادئ العامة، أطلق صلاحيته لكل زمان ومكان، لكن العيب فى هؤلاء الذين يتمسكون بأقوال السابقين من البشر ويعطونها قداسة، ولا يريدون أن يبرحوها أبداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفكر الإسلامى والعلمانية 1 الفكر الإسلامى والعلمانية 1



GMT 16:03 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 16:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 15:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

GMT 15:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خليط من الأحاسيس

GMT 15:49 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مصطفى مشرفة

GMT 15:45 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فوكوياما وترامب!

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح مثقفا!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية
المغرب اليوم - شريف سلامة يكشف أسباب قلة أعمالة الفنية

GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 16:14 2016 الإثنين ,22 شباط / فبراير

انتحار شاب "30عامًا" في جماعة قرية اركمان

GMT 14:23 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

تصميم فندق على هيئة آلة جيتار في أميركا

GMT 04:24 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مصر تقترب من تحديد موقع مقبرة زوجة توت عنخ آمون

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

تنظيم حملة للتبرع بالدم في جرسيف

GMT 06:27 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

ساندرا تشوي تبحث أحدث صيحات الموضة مع "جيمي تشو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib