روح مصر 1 3

روح مصر (1 -3)

المغرب اليوم -

روح مصر 1 3

عمار علي حسن

من المعروف تاريخياً أن المصريين ينحون اختلافاتهم وخلافاتهم جانباً، حين تتعرض بلادهم لخطر داهم، ويسارعون إلى التكاتف والتلاحم والتعاون فى سبيل مواجهة هذا الخطر، وهذا الأمر تشربته الشخصية القومية المصرية إلى درجة أنه صار يشكل جزءاً أساسياً من ملامحها، تتميز به عن أمم كثيرة، تزيدها الأخطار تشرذماً وتوزعاً على ولاءات عدة، ويبدأ كل طرف كان يتربص بالآخر يستغل الظرف الطارئ فى تعزيز وضعه حيال الفرقاء، بل إن البعض يذهب فى خصومته وغيه إلى حد التعاون مع العدو الخارجى ضد بنى وطنه، وهناك مثلان بارزان فى هذا الشأن، الأول قديم يتعلق بملوك الطوائف فى الشام والأندلس الذين كان بعضهم يستعين بالعدو الخارجى ضد إخوانه، والثانى حديث يتجسد فى تعاون بعض زعماء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1989) مع إسرائيل. لكن للأسف صار لدينا بعد ثورة 30 يونيو بعض من يدعو الخارج إلى أن يرتب لنا شئون الداخل، وينادى حلف الناتو ليضرب جيش مصر، ويتمنى لو انهدم البلد حتى يعود إلى الحكم، إلا أن هؤلاء قلة، ودعوتهم يواجهها عموم المصريين باشمئزاز، ويقبّحون أصحابها، ويزاورون عنهم، لافظين إياهم، وبالتالى لن تؤثر هذه الدعاوى على الروح العامة للمصريين، وعلى موقف التيار الرئيسى أو العريض منهم، الذى يميل إلى التماسك عند الشدة. وبخلاف الجنرال يعقوب الذى تعاون مع الاحتلال الفرنسى لمصر (1798 - 1801) وبعض زعماء البدو ووجهاء البلد الذين خانوا أحمد عرابى فى معركة التل الكبير التى واجه فيها الجيش الإنجليزى الزاحف لاحتلال البلاد، لا توجد حالات بارزة على الخيانة طيلة تاريخ مصر المديد، بل كان المصريون يسارعون دوماً للالتفاف حول الحاكم حتى ولو كان منبوذاً مكروهاً حين يكون بصدد مواجهة العدوان الخارجى، فالبسطاء هم الذين شكلوا العصب الرئيسى لجيش قنصوه الغورى حين تخلى عنه عسكر المماليك، وزحفوا معه إلى مرج دابق لصد الجيش العثمانى، فلما قتل وقفوا إلى جانب طومان باى حتى شنق، والفلاحون مثلوا الكتلة الأساسية الحية لجيش محمد على باشا، فبنى به إمبراطورية صغيرة مرهوبة الجانب، تحالفت أوروبا عليها حتى أنهكتها، وساقت مصر لتكون قابلة للاستغزاء فيما بعد. وكثير من الشهادات والدراسات الاجتماعية الميدانية تدلل دوماً على تلاحم المصريين وقت الحروب، حيث تنخفض السرقات إلى أدنى حد لها، وتتعزز أشكال التراحم إلى أقصى مستوى لها، ويلتف الناس حول أولى الأمر، للدفاع عن البلد، وصيانة أمنها القومى، مهما كان حجم الخلاف معهم قبل وقوع أزمة سياسية شاملة وحادة أو كارثة طبيعية كاسحة أو نشوب حرب، ولم يسجل التاريخ وقوع أعمال نهب وسلب كبيرة وواسعة فى وقت الأزمات سوى مرتين الأولى أيام حكم بيبى الثانى الفرعونى والثانية خلال حكم المستنصر بالله الفاطمى، حيث جاع الناس حتى أكلوا أجساد الموتى، ولم يكن أمام الجوعى من خيار سوى مهاجمة قصور الأغنياء، والاستيلاء على ما فيها من مؤن. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح مصر 1 3 روح مصر 1 3



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib