الجندى غير المجهول 24
أكرم الروماني مدرب مؤقت لفريق المغرب الفاسي كمدرب مؤقت خلفاً للمدرب المقال الإيطالي غولييرمو أرينا منع تام لحضور جمهور الرجاء الرياضي إلى الملعب البلدي ببركان وليس التنقل الجماعي فقط إيران تعلن استئناف المباحثات النووية مع القوى الأوروبية في يناير 2025 جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن مقتـل 3 عسكريين بينهم ضابط في المعارك التي تجري مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال قطاع غزة قصر الإليزيه يُعلن تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بقيادة فرانسوا بايرو التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ444 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس مُديرية الأمن العام التابع لحركة حماس السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة دونالد ترامب يفضل السماح لتطبيق تيك توك بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل
أخر الأخبار

الجندى غير المجهول (2-4)

المغرب اليوم -

الجندى غير المجهول 24

عمار علي حسن

صوت انفجار كاسح دوى فجأة، فكتم صوت المدافع وامتلأ الجو بالغبار. شعرت أن رجلى أثقل من الجبل، تحسستها حتى وصلت يدى إلى ركبتى ثم انزلقت إلى التراب، وندت عنى آهة لم أعرف كنهها. لم أبك ولم أضحك ولم أصرخ بل وجمت، وتطلعت هناك فى القريب المكدر بذرات الرمل والدخان، فإذا بشبح صغير يتجلى مع رحيل الغبش حتى ظهر بوضوح. كنت أنت يا «شعبان» تعافر حتى اعتدلت وملت نحوى وكشفت عن جرحى. شدة الحزن لم تفسح للدموع الأبواب فتحجر الألم فى عينيك. جثوت على ركبتيك ورحت تقبل قدمى المقطوعة. احتضنتها كأنها وليدك وذاب صمتك فى صمت المكان، الذى كان منذ دقائق مليئا باللغط. نداءات حماسية وحكايات وتعليمات. ها هو صار مواتاً. أشلاء ملتصقة ببقايا المدافع، ودماء برقشت الرمال. لم يبق سوانا.. أنا عاجز جريح وأنت مزقتك الفجيعة. كنا نلهث والعطش يحرق جوفينا. الزمزمية الوحيدة التى كنا نتقاسم رشفاتها انتهت قبل الضربة إلى الجندى محمود السيد. هرولت يا «شعبان» نحو الدشمة المنهارة وفتشت عن «محمود»، ولأول مرة يمزق صراخك صمت الموت.. آهة زاعقة دفعتنى للزحف نحوك، كنت مغمض العينين تحاول أن تنزع الزمزمية من صميم قلب «محمود» وهو مطروح على ظهره، مشروخ لنصفين، والزمزمية مغروسة فى اللحم. الفوهة تستقبل بعض الدماء المتسرسبة، غمست يدك فى الصدر المبتور ودفعتها من بين شظايا العظم. قربت منى الماء الدم، كان ساخناً مملحاً، ارتشفت قطرات ورددتها إليك، لكنك كنت مشغولاً بتمزيق جاكتة أفرولك، مزعتها ثلاثة أجزاء وربطت رجلى. تبكى وتضغط لتمنع تدفق الدم. لم يتجلط فخلعت فانلتك الداخلية وربطت رباطاً جديداً ولففت الباقى فربما يحتاج الجرح إلى ضمادات أخرى. استجمعت كل قوتك وأنا أساعدك، رفعتنى عن الأرض، تساندت عليك وصارت لى ثلاث أقدام تغالب وعورة الصحراء. *** تبتلعنا الوهاد إلى ربا جبل «كسفريت» وشمس الضحى تفضح خطانا صوب الغرب. جؤارى المكتوم يذبحك يا «شعبان» ويسكب دموعك مدراراً. تتقاطر على الرمل وتخالط دمى المفسوح. تربت عجزى فيزداد إصرارى على السير. ها هى الجثث منثورة على التراب، عشرات فى تتابع. بيادات تحتضن أقداماً منفصلة عن أجسادها. أجساد انشطرت وفقدت هويتها تماماً. رؤوس تبحث عن أجسام لتلتئم. أيادٍ مقطوعة منكسة، مفرودة على الحصى والرمل، أو مقبوضة تعض على الرغبة فى الحياة، أو تمسك جزءاً من سلاح. علب أغذية محفوظة مبعثرة يميناً ويساراً. أجزاء من بنادق ومدافع وجنازير دبابات وأسلاك شائكة وأجهزة إشارية ترقب الخواء. فوارغ ذخيرة ورصاص يبحث عن مقاتل. ما جعلنا ننتحب بحرقة فهى تلك اليد المقطوعة المحزمة بساعة مذهبة، مقبوضة إلا إصبع السبابة كانت ممدودة على آخرها، تشكل الحرف الأخير من الكلمة المحفورة على سطح الرمل الأملس. كلمة ينقصها حرف فكانت هى حرفها، تتدلى الإصبع فتصبح راء، تلتحق بالألف واللام والثاء والألف الأخيرة المهموزة. وقرأت يا «شعبان» وأنت تتلعثم «الثأر» وملت أنا على الرمال فرفعت الإصبع وأضفت الحرف الناقص، ثم أتبعته بكلمة «قريب». وقرأنا سويا: «الثأر قريب».. نهضنا محملين بحمية جعلتنا نعض على نواجذنا فى غيظ. أدرنا عنقينا إلى الشرق حيث مياه البحيرات المرة، بدت كندف ثلج مختلفة وسط اصفرار المدى. رحنا نستحث الخطى متسلقين ثنيات الصخر بحثاً عن مكان فى العراء. حلقانا عصوان تلهبان قدرتنا على السير. كانت شفتاك يا «شعبان» مقددتين بظمأ قاسٍ، ارتسم على سمار وجهك، وبدا فى لهاثك الجاف وأنت تساعدنى على تجاوز حجر امتشق يعترض خطانا الوئيدة. من ضحى إلى ظهر أدخلنا فى عصر كسير، راح يتداعى ويلقى فى الغرب جمرة نازفة لشمس تطاردها فحمة الليل، تسقط وتسود كل الطرق المؤدية للهروب. رجلى فى فم كلب مسعور، أحبس الصراخ خوفاً من أن يحمله سكون الليل إلى آذان الأعداء، فتخرج أنات متقطعة تذوب فى فوارغ الليل والصحراء. لم نعد نسمع سوى نباح الكلاب الضالة الهاربة بعد تدمير الكتائب الأمامية، بين الحين والآخر نسمع أصواتها وهى تقفز صوب الغرب، تجرى وتسبقنا، وتصبح سرعتها وحريتها حلماً لا نطاوله. انتهينا إلى أخدود غائر بين صخرتين عاليتين، ودلفنا إلى الداخل وأسندنا ظهرينا المكدودين على أشواك الصخر المتراصة فى تتابع عشوائى. تولد الصرخات وتموت وتتوهج ألسنة اللهب المبعثرة ثم تخبو فى المدى.. - شعبان.. - أفندم.. - اذهب أنت وانجُ بنفسك. أنا لن أستطيع إكمال الطريق. - لا يمكن أبداً.. - سيلحقنا جنود العدو، وليمت واحد فقط.. - نموت سوياً.. - المسافة طويلة وسيطلع النهار علينا ونكون صيداً سهلاً. - سنحاول أن نسرع.. - دعنى واذهب.. أرجوك.. - سنذهب سوياً.. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجندى غير المجهول 24 الجندى غير المجهول 24



GMT 10:34 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:32 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 10:31 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:29 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:27 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:25 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

المثقف وزرقاء اليمامة وكناري المنجم

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تطابق من سبايك لى إلى هانى أبو أسعد!!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 10:47 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

سعادة غامرة في يونيون برلين بعد عودة جماهيره

GMT 02:45 2020 الأحد ,19 إبريل / نيسان

ديكورات غرف سفرة مودرن

GMT 18:04 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

الصين تنشر الصورة الأولى لـ"فيروس كورونا" القاتل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib