مشوار الإخوان إلى الدستور

مشوار الإخوان إلى الدستور

المغرب اليوم -

مشوار الإخوان إلى الدستور

عمار علي حسن

فعلت جماعة الإخوان كل ما فى وسعها، وبشتى الطرق، من أجل أن ترسو سفينة الثورة على شاطئ الانتخابات التشريعية، التى كانوا مستعدين لها منذ سقوط مبارك، ودفعوا فى اتجاهها، وأن تكون هى المحدد لصناعة الدستور عبر انتخاب جمعية تأسيسية على أيدى الأعضاء المنتخبين بمجلسى الشعب والشورى. وفى هذه النقطة، حدث تدليس رهيب على الشعب المصرى، فالناس صوتت فى استفتاء 19 مارس 2011 على مادة تقول: «يجتمع الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى لاختيار» فتم تغيير الكلمة من «اختيار» إلى «انتخاب» وشتان ما بين الاثنتين. فالأولى حين تذكر ينصرف الذهن مباشرة إلى عملية «اقتراع» أما الثانية فيمكن أن تعنى «الانتفاء» و«الاصطفاء» أى أن نضع أيدينا على الأشخاص المؤهلين لصناعة الدستور، وهو ما لم يجر فى الواقع. وقد خرج المستشار طارق البشرى، رئيس اللجنة، التى عدلت مواد دستور 71 عقب تنحى مبارك مباشرة وبتكليف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليدافع عن هذا التغيير، وكتب يقول إنه بحث فى «لسان العرب» فوجد أن الكلمتين مترادفتان. ورددت عليه، فقلت له: هذا فى قاموس قديم، لكن اللغة كائن حى يتطور بتغير الأزمنة والأمكنة، وأعطيت أدلة على قولى منها: «الشاطر فى العصر المملوكى هو اللص، أما الآن فهو التلميذ النجيب»، وهو لقب نائب مرشد الإخوان والرجل الأول فى الجماعة، المهندس خيرت الشاطر. لكن الإخوان كانوا يعرفون طريقهم جيداً، بغض النظر عن سلامته وسلاسته بالنسبة لمصلحة البلد، التى كانت تفترض وضع دستور ولو مؤقتاً لمدة خمس أو عشر سنوات، أو حتى دستور دائم بمعايير اختيار مختلفة، حتى توضع سريعاً الأرضية الصلبة التى يقام عليها بنيان النظام السياسى، ثم نتفرغ جميعا لبناء الدولة. وأجد نفسى هنا فى حاجة إلى ذكر واقعتين كاشفتين، الأولى تتعلق بالدستور والثانية تتعلق بالانتخابات، كنت شاهدا عليهما، فقبل الثورة، وفى سياق اجتماعات للقوى السياسية المعارضة تحت مظلة الجمعية الوطنية للتغيير وغيرها، كان هناك اتفاق على ضرورة أن نبدأ بصناعة الدستور إن قدر للشارع أن يتحرك ويطيح بمبارك، لكن الإخوان ألقوا كل هذا وراء ظهورهم بعد الثورة، وراحوا يلهثون وراء الطريق الذى شقوه هم نحو مصالحهم الذاتية. والثانية، كانت تخص الانتخابات التشريعية الأولى عقب الثورة، إذ قامت القوى السياسية بإعداد قانون للانتخابات، بعد أن أعطاها المجلس العسكرى هذا الحق إثر تبرمها واستنكارها لقيامه بالانفراد بوضع القوانين التى ترتب للمرحلة الانتقالية ومنها قانون الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وسلمت نسخة من هذا القانون إلى المجلس العسكرى، وكانت تقضى بأن تجرى الانتخابات مناصفة بين «القوائم» و«الفردى» بما لا يعطى أى جهة فرصة للطعن فى نتائج الانتخابات، قياساً إلى ما ينص عليه الإعلان الدستورى وكذلك التقاليد الدستورية المرعية فى مصر منذ عقود. لكن الإخوان اعترضوا، وطلبوا أن يكون الثلثان بالقائمة والثلث «فردى»، على أن يحق للأحزاب السياسية أن تنافس على المقاعد الفردية، وهى المسألة التى أدت إلى الطعن على مجلس الشعب فيما بعد، وقضت المحكمة الدستورية بحله، والحق يقال إن كثيرا من الأحزاب الموجودة على الساحة قد وافقت على هذا النظام فى اجتماع مع الفريق سامى عنان. وحصل الإخوان على أغلبية فى الانتخابات التشريعية، لكن البرلمان تم حله، أما ما تم تسويقه وتمريره هو الدستور، فما عرض على المصريين يومى 15 و22 ديسمبر 2012 كى يقولوا له «لا» أم «نعم» لم يكن دستوراً بالمعنى المتعارف عليه فى تاريخ الأمم، بل هو ترجمة قانونية ركيكة لخطة التمكين التى وضعتها جماعة الإخوان فى تسعينات القرن المنصرم. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشوار الإخوان إلى الدستور مشوار الإخوان إلى الدستور



GMT 23:46 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 23:34 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

هل ستتفتح زهور الصين وتثمر في أفريقيا؟

GMT 23:31 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيف نفسر البلطجة الإسرائيلية؟

GMT 23:26 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

قصة وعِبرة!

GMT 23:21 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

عن يمين وشمال

GMT 20:14 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 20:12 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:49 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي
المغرب اليوم - فيلم نادر يكشف سراً عن منى زكي

GMT 22:07 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"عنكبوت" فيراري ينطلق بقوة 1000 حصان نسخة مكشوفة من SF90

GMT 08:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 11:17 2022 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال القطرى أمام الجنيه المصرى اليوم الأربعاء 23-11-2022

GMT 14:49 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

4 ساعات غطس للرجل المغامر

GMT 03:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

منظمة الصحة العالمية تزف بشرى سارة بشأن "كورونا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib